مع إدراكي بأنه في ظل صعوبة وتعقيدات المعركة التي تخوضها سوريا وحلفاؤها في محور المقاومة ضد المشروع الصهيو-أمريكي -الرجعي هناك، فإنه ليس سهلاً عليهما إتخاذ قرار بالتصدي الحاسم لتلك الإعتداءات لأن ذلك قد يؤدي إلى الإنجرار إلى حرب بتوقيت الاعداء، إلا أن مواصلة
إسرائيللعربدتها الجوية في الاجواء السورية من ناحية وعدم إتخاذ قرار بردعها من ناحية ثانية بات ضاراً بالمصالح السورية وبمصالح محور المقاومة برمته والأهم من ذلك بمصداقيتهما الجماهيرية.
ولكي نضع النقاط على الحروف فإن ما يحصل من إستباحة إسرائيلية مهينة لسوريا سببه في المقام الاول هو وجود مصلحة مشتركة لبعض مراكز القوى في القيادة الروسية وإسرائيل بعدم تمكين الدولة السورية وحلفائها من إستكمال الإنتصار في سوريا.
فمراكز القوى الروسية تريد ان تضعف ايران في سوريا لكي تنفرد في التحكم بالقرار السوري و الهيمنة عليه فيما تريد إسرائيل إضعاف القوى التي ترى فيها خطراً وجودياً عليها ناهيك عن ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد من خلال جعل سوريا مكسر عصا له وضرب ما يسمى بالتموقع الايراني فيها إجتياز الإستحقاقات الانتخابية المتتالية في الكيان الاسرائيلي بنجاح لبقائه في الحكم.
و هذا الكلام ليس تجن على روسيا أو دعوة لفتح صراع معها بقدر ما هو دعوة لوضع الروس أمام مسؤولياتهم، فإما إنتهاج سياسات تتوافق مع مصالحهم القومية التي هي بالتاكيد مع سوريا أوسياسات مؤيدة لإسرائيل و تتوافق مع مصالح اللوبي الصهيوني ذو التأثير القوي على صناعة القرار في موسكو بما في ذلك على الكريملين ولكنها تتعارض مع المصالح القومية الروسية..
ومن المؤسف انه في الوقت الذي يعبر فيه الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن عن غضبه على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويمتنع عن التحدث معه هاتفياً للأسبوع الرابع على التوالي، لاسباب لا مجال للإسهاب بذكرها في هذه المقالة فإن زعيما قويا مثل بوتين يعمل لديه مجدداً كحفار قبور لإنجاحه في إنتخابات الكنيست القادمة. فقد تناقلت بعض المواقع الإخبارية في الايام القليلة الماضية خبراً ان القوات الروسية المتواجدة في سوريا قد استأنفت العمل في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك في دمشق بحثاً عن المزيد من رفات الجنود الاسرائيليين الذين فقدوا في معركة السلطان يعقوب مع القوات السورية عام 1973 وتم دفن جثثهم هناك لتسليمها إلى نتنياهو وتمكينه من آجتياز إنتخابات الكنيست القادمة بنجاح تماماً كما حدث قبيل انتخابات الكنيست السابقة.
وبإختصار فلا يعقل ان يستمر المسؤولون الروس في الحديث مع دمشق بلغة الصداقة والمعركة المشتركة الواحدة ضد الارهاب وفي نفس الوقت يتحدثون مع الإسرائيليين بلغة الشراكة الإستراتيجية ويتركون لهم حرية العمل في سوريا ويمنعون الجيش العربي السوري من إستخدام منظومة ال إس-300 ضد الطيران الحربي الإسرائيلي.
فإستمرار هذا الوضع يعني بان روسيا هي شريكة لإسرائيل ليس في إعتداءاتها على سوريا فحسب بل في سفك الدم السوري.
ملاحظة: حديثي عن روسيا في هذه المقالة يشمل مراكز القوى المتاثرة بمجموعات الضغط الصهيونية في موسكو ولا يشمل وزارة الدفاع والجيش الذي ستبدا بحريته في اليومين القادمين مناورات مشتركة. مع البحرية الايرانية في المحيط الهندي