مُنذ بداية الاحتلال الاسرائيلي وتأسيس أول كيان صهيوني على أرضنا وهو يُحاول جاهداً تغيير المعالم الأثريتة والتاريخية لهذه البلاد من أجل إثبات أحقيتهم فيها.
فقد عمد هذا الاحتلال الى هدم وتدمير مدن وقرى فلسطينية بأكملها وقتل وتشريد مئات الالاف من ابناء شعبنا وإحلال الغُزاة الصهاينةن وإنشاء مُدن وبلدات جديدة بمسمياتهم الى جانب المدن والقرى الأصلية التي استولوا عليها من خلال القتل والترهيب بحق ما تبقى من ابناء شعبنا وارتكبوا أبشع المجازر والعربدة والسرقات لمقدرات شعبنا.
وبعد احتلال ما تبقى من الارض االفلسطينية في العام 67 وأجزاء من الأردن وسوريا ولبنان ومصر ومنذ ذلك الوقت وشعبنا الفلسطيني بكل قواه في حالة صراع مع هذا المحتل وارتقى الالاف من ابناء شعبنا شهداء في معركة التحرير وقدم خيرة أبنائه خلف القضبان من أجل الحرية والعيش بكرامة.
وبما ان المواجهة العسكرية لم يستطع الاحتلال إخمادها والقضاء عليها بدأ بخوض معركة اكثر نجاحاً بأقل تكلفه وهو الفوز الفكري لضرب مجتمعنا الفلسطيني من الداخل .
ولعل ما نشاهده في هذه الأيام لأكبر دليل على نجاح المُحتل في هذه المعركة منذ بدايتها فبدأ بإغراق شبابنا في شرك المخدرات فكم من المشاتل التي تم ضبطها في مناطق كثيرة وفي عدة مدن فلسطينية وكم من القضايا الخارجة عن عادات وتقاليد شعبنا تم معالجتها.
إن العالم الافتراضي الذي أوجدته المنظومة الدولية لإلهاء شبابنا به هو سلاح جديد موجه نحو نسيجنا الاجتماعي والذي أصبح يسهل من الخروج عن المألوف من خلال ما نطالعه من أخبار حول عمليات ابتزاز يتعرض لها شبابنا الذين كانوا ضحايا نزوات مارسوها عبر هذه المواقع والتي أصبحت سلاحا مسلطاعلى رقابهم أدت بهم الى الوقوع في شرك المخابرات الاسرائيلية او السجن او الانتحار.
ويستمر الغزو الثقافي في مجتمعنا ويتعاظم الى أن وصل الحد الى الدخول الى مكان تاريخي مُقدس ومسجد للعبادة من خلال حفل غناء راقص وممارسات لا تمت لنا او لأي صاحب ديانة يقدر المكانة الدينية لدور العبادة.
إن غياب الوعي والثقافة لدى هذا الجيل نتيجة غياب الدور الثقافي والتعبوي لكل فصائل العمل الوطني والاسلامي وكذلك غياب المؤسسات الرسمية والأهلية عن دورها الحقيقي في بناء مجتمع قوي مُحصن من كل الهجمات التي من شأنها اختراقه وتحطيمه من الداخل، حيث كانت لهذه الفصائل وفي عهد الاحتلال دور كبير في تحصين مجتمعنا ومحاربة كل العادات الخارجة عن تربيتنا الوطنية والدينية ووقفوا وحاربوا بكل قوة، ولم يكن أحد يجروء على المجاهرة في أي فعل خارج عن مالوف ما نعيشه ، وكانت النتيجة مُجتمع فلسطيني محصن خاض مواجهة مع احتلال مارس أبشع الممارسات وصمد صمودٌ اسطوري .
من هنا لابد من صحوة مجتمعية تقودها كل الفصائل وممارسة الدور الحقيقي المنوط بها وتحقيق الهدف الذي جاءت من أجله وهو تحرير الأرض والإنسان من دنس الاحتلال ونحارب الافكار الدخيلة على شعبنا الذي تعرض للعديد من الممارسات وكان في كل مرة ينهض ويستعيد قواه من جديد .
* كاتب وسياسي