بقلم منير بلغيث |
حجر تونس غاضب يبكي حالها، فلا هو اليوم قادر على إنهاء مخاض ولادة طفل اصابه الشلل قبل أن يرى النور، أو أن يلجم جنوح صبية أعماهم حب السلطة فتداعوا إلى ملعب السياسية دون خطوط حمراء فلم يتركوا أي جميل إلا ودنسوه وتركوا طائر البين يبكي أفعالهم، أينما وليت وجهك تجد أثار أفعالهم، فبعدما كنا نتحدث سابقا عن ظلم اجتماعي ونتندر بأفعال عائلة آل الطرابلسي وجرائمهم ، أصبحنا نتحدث عن صراع اجتماعي أدى إلى اضمحلال الطبقة المتوسطة وتفرقت دمائها بين عوائل الأسر الحاكمة، وكنا نغضب عندما يتم الزيارة بـ 20 مليم في بعض المواد فأصبحنا نتمنى أن تستيقظ ولا نسمع بزيادة في أحد المواد الغذائية.
والأدهى أنهم يبشروننا كل مرة أننا مقبلون على سنوات عجاف وعلينا أن نستعد لقرارات موجعة كي نستطيع الصمود أمام قسوة الجفاف، لكن ما يتعمدون إخفاءه أن عقولهم جفت وعجزت ولم تعد بمقدورها ابتكار الحلول لعجز كامن فيهم أو لغياب إرادة تم رهنها وراء البحار.
وآخر الدعوات هو علينا قبول الزيادة في الفائدة على القروض لكي ننعم بخيرات انخفاض موعود في نسبة التضخم والحد من عجز الميزان التجاري . أما حكايتنا مع السواد فهي حكاية اطوارها كان عنوانها الاستبداد منذ الاستقلال ليستمر بعد انتفاضة 17ديسمبر 14جانفي ويلبس جبة الإقتصاد فدخلنا اغلب القوائم السوداء ولم نتمكن من الخروج منها لاننا لا نملك القدرة على ذلك لغياب العمل وروح المبادرة.
كل هذه السردية لا تعني حنينا إلى الماضي كما يروج لذلك من ارتضى ذل القيود وأخذه الحنين لصوت سياط جلاديه بل هي إعادة قراءة لواقع يستميت في معاندة من يريد التغيير وتنشيط الذاكرة البعض قبل أن تغيبها حمى صناعة الانتخابات، اليوم لم يعد بكاء الاطلال نافع لشفاء العليل، بل الحل الوحيد الإستعداد لطرد النحس ومحاولة توسيع مسارات التغيير لعلنا نخرج من نفق سنوات عجاف ونمهد لقدوم الفترات السمان، وهذا لن يكون إلا بإرادة هذا الشعب الذي اختار ذات شتاء أن يفك قيود الإستبداد وهو الان يدفع ثمن تمرده ويريد أن يرى النور الذي طال انتظاره، فهل تكون محطة الصناديق القادمة هي الخلاص أم أن المخاض سيتواصل ويستمر مسلسل تشويهات الجنين ؟ كل شي مرتبط بإرادة التغيير لدى شعب كل البوادر تؤكد أنه استسلم لمصيره المحتوم ولا يرجى منه ردة فعل أو تغيير.