الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

هل يكون “الإقتصاد الإجتماعي والتضامني”… الخطوة الأولى للتغيير.. ؟

الناشط_السياسي محمد إبراهمي |

في قراءة للمشهد السياسي لا يكاد يمر يوم في تونس من دون أن يستفيق الشعب التونسي على خلاف أو جدل جديد حول قضايا الحكم والسياسات العامة للدولة، فبدل أن يكون دور هذا المجلس السهر على رعاية أمور الناس وتشريع القوانين الخاصة التي تسهل مختلف أمورهم الحياتية، تحول إلى ساحة جديدة لتصارع الكتل البرلمانية والأحزاب ولحروبها التي لا تنتهي. ويبدو أن مختلف الوسائل تستعمل في هذا الصراع، ومنها الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي والتي لم تترك شخصية عامة أو حزبية إلا وطالتها بمختلف الاتهامات و المكايدات السياسية ،الى جانب ما سبق لم تكن تدرك القوى السياسية الواقع المرير و لم تكن تدرك ما يحاك للوطن من مؤامرات تحت مسمى إعادة نشر الفوضى في ظل ما يرفع من شعارات ثورية براقة وصادقة لكنها ليست المقصودة فعلا، وربما لم تدرك تلك القوى الوطنية الراغبة فى إحداث تغيير فعلي يضع البلاد على عتبات التقدم والتنمية والحياة الديموقراطية، و تتعظ من خطورة وضع يدها فى يد القوى الزائفة وغيرها من قوي الشر واطراف المصالح المرتبطة بأجندات خارجية.

يعتبر البعض أن هذه الحملات هي جزء من المعارك السياسية في هذه الديمقراطية الناشئة وأنه من الطبيعي تبعا لذلك أن تشهد الساحة السياسية الكثير من المظاهر والحملات العشوائية والشعواء والتي تستهدف رموز السياسة في هذا الوطن ، لأن هناك خلطا كبيرا اليوم بين الديمقراطية وطرق ممارستها وبين الحرية المطلقة وحرية الرأي والتعبير والتي أعطتها الثورة لعموم الشعب و مختلف الأطياف السياسية لإبداء الرأي حول مختلف القضايا من السياسة إلى الاقتصاد وغيرها. ويرى البعض الآخر، في المقابل أنها حملة مدروسة وليست بريئة تستهدف المسار الديمقراطي و تهدف إلى إرباك المشهد السياسي وإثارة زوبعة داخل البرلمان من أجل زيادة توتير الأجواء والمناخ السياسي في بلد يغرق شيئا فشيئا في أزماته المالية والاقتصادية، خاصة أن هناك مخاوف تتصاعد من اندلاع هبة شعبية وانتفاضة اجتماعية جديدة مع ارتفاع معدلات البطالة إلى نسب غير مسبوقة، ومع التداعيات الكبيرة التي خلفتها جائحة كورونا على حياة الناس ومواطن رزقهم التي توقفت بشكل غير مسبوق.
وعلى وقع تلك التفاعلات وغيرها بين مختلف القوى، زاد من تعقيد معادلة الإنتقال الديمقراطي الممتدة جدلية الصراع بين قديم قامت عليه الثورة وإنتزعت منه السلطة و عاد للظهور من جديد في المشهد السياسي ، وبين جديد لم يستكمل بعد المسار الإنتقالي ، وقد إنتقلت قوى الثورة من تحالف إلى صراع أيدولوجي محموم بلغ حد التنافس على التحالف مع قوى الثورة المضادة لاسقاط الحكومة او إرباكها والهدف منها الاستحواذ على السلطة بكل مؤسساتها بطريقة غير شرعية وغير دستورية ، هذه القوى أعداء الثورة و المسار الديمقراطي، الهدف منها ارباك عمل الحكومة خاصة في هذا الظرف بالذات الذي تخوض فيه البلاد حربها ضد وباء كورونا

في ظل الجدل السياسي و الحسابات الضيقة لاشك وان البلاد لا تسير في الطريق الصحيح و نحن بحاجة إلى ان يعود التوازن للمشهد السياسي و إنقاذ ما يمكن إنقاذه في ظل التدهور الملحوظ في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.. و لاشك وان في الظرف الإستثنائي الذي تمر به البلاد نحن بحاجة إلى ترابط وثيق جدا بين الوعي السياسي وبين المجتمع، وتتكامل الأدوار بينهم ، وتؤسس لتوازنات اجتماعية صالحة ونافعة تسودها قيم التعايش السلمي والحوار واحترام الرأي الآخر والتكاتف بين أفراد المجتمع بكل مكوناته و بين كل الأطياف السياسية لتذليل العقبات التي تحول دون تحقيق أهداف المسار الديمقراطي وحماية الدولة من الأخطار المحدقة بها..

في ظل الضباب الكثيف الذي يخيم على المشهد السياسي و البرلماني بالأساس يبدو أن المصادقة على مشروع قانون الاقتصاد الاجتماعي والتضامني خطوة إلى الأمام للقضاء على الفقر في تونس لكونه يلعب دورا هاما في التنمية المستقبلية للبلاد ، خاصة عندما يتم تقديم فوائده بشكل صحيح و فعلي للشعب . نظرا لأن الاقتصاد الاجتماعي والقائم على التضامن يشجع العدالة الاجتماعية لأنه يسمح بالتوزيع العادل للثروة ، ويعزز وصول الجميع إلى الخدمات الأساسية ،و بالتالي يجب على الدولة إعطاء الاقتصاد الاجتماعي و التضامني الأهمية التي تستحقها كوسيلة للتصدي للمشاكل والصعوبات التي تواجهها تونس ، من أجل مكافحة الاستبعاد وضمان تكافؤ الفرص..
لا شك و ان الشعب سئم الوعود و نقض العهود و حان وقت تحقيق العدالة الاجتماعية و أن ينظر الجميع إلى شبكات الحماية الاجتماعية على أنها حق لكل أفراد المجتمع، في الحاضر وفي المستقبل. وهي تتضمن إلى جانب حماية المساواة في الحقوق، المساواة في الفرص، والتوزيع العادل للثروات، و بالتالي و بدون شك وان مشروع قانون الإقتصاد الإجتماعي والتضامني خطوة إيجابية لتحقيق العدالة الاجتماعية التي ينتظرها الشعب منذ تسع سنوات على ثورة الحرية و الكرامة..

و يبقى السؤال مطروحا.. هل ستتعظ القوى السياسية المتناحرة من الأزمات و من خطورة المرحلة و تسعى جديا في تحقيق مصالحة سياسية لتحقيق الإصلاح المنشود ؟؟
و هل تضع الأطراف السياسية المناكفات و المكايدات جانبا و تلتف حول برنامج إنقاذ شامل لمجابهة كل التحديات، ودون أن تضع العراقيل أمام الحكومة وتضع خطة واضحة تحد من التأزم وتفتح السبل لحلول و مبادرات مقنعة تنخرط فيها مختلف القوى السياسية والإجتماعية، لتحريك عجلة الإقتصاد وتحقيق السلم الإجتماعي نحو الطريق الصحيح للخروج بالبلاد إلى شاطئ الأمان بأخف الأضرار..

 

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024