أظهرت بيانات مفوضية حقوق الإنسان في العراق، الخاصة بالعام الجاري، حقائق وإحصاءات “مفزعة” عن واقع الأطفال العراقيين الصعب.
حيث أكدت المفوضية وجود 5 ملايين يتيم يمثلون نحو 5 في المئة من إجمالي عدد الأيتام في العالم، الأمر الذي يعكس هول المأساة الإنسانية، التي أفرزتها الحروب المتعاقبة على العراقيين عامة والأطفال منهم على وجه الخصوص.
وكشفت المفوضية انخراط مليون طفل عراقي في سوق العمل، بالنظر لحالة العوز التي تعاني منها العوائل الفقيرة، كما وأشارت لوجود 4 ملايين ونصف مليون طفل ترزح عوائلهم تحت مستوى خط الفقر.
وأثارت هذه الأرقام الصادمة موجات من الاستنكار في أوساط الرأي العام والشبكات الاجتماعية في العراق، لما تعكسه من امتهان لقيم الطفولة، ومن سوء واقع الأطفال العراقيين وترديه، محملين السلطات العراقية وزر عدم منع عمالة الأطفال وعدم سن قوانين وتشريعات رادعة لمنع هذه الظاهرة الخطيرة، وبمقاضاة من يستغل الأطفال في سوق العمل، سواء من ذويهم أو من أرباب العمل.
تعليقا على تقرير المنظمة الحقوقية العراقية الذي تضمن مؤشرات تدهور حاد في أوضاع أطفال العراق، تقول سارة الحسني، عضو منظمة حقوق المرأة العراقية، في لقاء مع سكاي نيوز عربية: “يلعب الفقر دورا بارزا في ظاهرة تشغيل الأطفال، فعلى الرغم من وجود العديد من الأسباب المختلفة التي تدفع الأطفال إلى العمل، لكن الفقر هو العامل الرئيسي المسبب لهذه الظاهرة، وأولياء أمورهم يتحملون المسؤولية المباشرة عن اتخاذ قرار تشغيل الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة إزاء هذا التعدي على حقوقهم الأساسية ومن قبل أقرب الناس لهم”.
وتتابع الناشطة الحقوقية العراقية: “كما يعدالفساد الحكومي الذي ينخر مختلف مفاصل مؤسسات الدولة وأجهزتها، أحد أهم العوامل التي تساهم في تفشي ظاهرة تشغيل الأطفال، عبر سوء استخدام الموارد وتبديدها وانعدام التوزيع العادل للثروة، وعدم الاهتمام بهذه الظاهرة السلبية ووضع حد لها، فانتهاك حقوق الإنسان وعمالة الأطفال من أبرز شواهدها”.
وتضيف الحسني: “وهكذا يدفع الأطفال الضريبة الأكبر حيث يحرمون من الخدمات الأساسية، والتي تعتبر جزءا مهما من حقوقهم البديهية كالرعاية الصحية، والتعليم، والتمتع بطفولتهم لعبا ولهوا واكتشافا وتنمية معارف ومدارك، لا أن ينخرطوا في أعمال شاقة تحت وطأة العوز والفقر لتأمين ما يسد رمقهم بالكاد”.
من جانبه، يرى الباحث الاجتماعي لطيف حسن، في حوار مع سكاي نيوز عربية، أن “الأطفال ومعهم النساء هم عادة الضحايا الأولون لسوء ادارة أي دولة، ولتخلف واقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والعراق ليس استثناء في هذا الاطار، فتراكم المشكلات الاجتماعية والمعاشية الناجمة عن عدم الاستقرار السياسي والأمني والحروب المديدة، يقود لشتى الآفات الاجتماعية والظواهر السلبية وعلى رأسها عمالة الأطفال”.
ويضيف حسن: “مليون طفل عامل هذا ليس رقما صغيرا، بل هو كارثي ودلالة على امتهان مليوني واسع النطاق لأطفال بعمر الورود، يتم الزج بهم في بيئات عمل قاسية وفي أوساط مبتذلة، تحضهم على ارتياد عوالم الجريمة والدعارة وتعاطي المخدرات وغيرها من عوالم مشبوهة”.
فضلا عن أن خمسة أضعافهم، أي نحو 5 ملايين طفل، هم يتامى لا معيل لهم ولا مسؤول عنهم، مما يجعلهم عرضة لمختلف أشكال الابتزاز والاستغلال، كما يرى الباحث الاجتماعي العراقي، مضيفا “مع الأسف نحن حيال دمار مستدام لأطفال العراق وأجياله القادمة”.