بقلم: محمد بن عمر |
أتساءل احيانا: ماذا بقي من إجرام لم تفعله أمريكا، منذ أن أنشأت الى اليوم بحق الانسانية؟ وأنا أعرف أن هذا النظام المتناقض داخليا، ومحكوم بسلطة صهيونية خفية على المسرح السياسي، ظاهرة في شكل دولة، اتخذت من الاستكبار، وسيلة للهيمنة على ما سواها من الشعوب، خصوصا تلك التي حدثونا عنها في تاريخ المعاصر – المزيف عمدا – أنها مستقلة، ولكنها على وجه الحقيقة والواقع، لا تزال خاضعة لمنظومة الاستكبار العالمي الغربية، التي تتزعمها أمريكا.
اجرام الادارة الامريكية، لم تسبقها اليه دولة أخرى في العالم، وقد ظل أغلبه محفوفا بالسرّية، بدأ منذ باشر الرجل الابيض الاوروبي، عملية التغيير الديمغرافي، بإبادة أهل الأرض الأصليين، بعدما اكتشفها الملاح الايطالي (كريستوف كولومب (Christophe Colomb، سنة 1492 وتهافت إليها بعد ذلك المغامرون الاوروبيون، ذوي النزعة العنصرية، وأصحاب الجرائم في بلدانهم، والفارين منها خوفا من القصاص، ولم يستقم أمرها كدولة سوى في سنة 1788، بعد حرب اهلية طاحنة، استمرت خمس سنوات.
ودون أن ننخرط في سرد تاريخ الاجرام الامريكي، أكتفي بذكر بعض عناوين ملفّات، ما اقترفته أيدي أحفاد المنبوذين اجتماعيا، من اوروبا في عصرنا الحديث، بدأ من الحرب العالمية الثانية وفظاعاتها، الى الحرب الفييتنامية، والكمبودية، والكورية، مرورا بغزو افغانستان والعراق، الى هذا اليوم الذي اعترف فيه سفاكو الدماء، والمتآمرون على الشعوب، بتورطهم المباشر في العدوان على اليمن، وجرائم متنوعة فصولها وأحداثها، لو قدّر جمعها واحصاءها وعدّ فظاعاتها، لملأت مئات المجلدات، فحيثما وجد تمثيل أمريكي، دبلوماسي، أو عسكري، أو مخابراتي، أو تجسسي – يأخذ طابعا مدنيا في ظاهره – وجدّت بسببه تجاوزات خطيرة، تعتبر بمفهوم القانون الدولي، جرائم بحق الانسانية، دون أن انسى ما عاناه المواطنون السود، في تلك البلاد السيئة الذكر، من اجحاف وحيف وظلم، بحقوقهم بدأ بالدوس عليها المحتلون الاوائل أحفاد هؤلاء البيض العنصريين ولا يزالون على نفس العقيدة الفاسدة الى اليوم.
ومع توجد فعلي لقواتها في الشمال السوري، في محاولة لدعم الانفصاليين الاكرد، لم ترى وزارة الدِّفاع الأمريكيّة بدّا من الاعتراف، على لِسان أحد المُتحدِّثين باسمِها، أنّ لديها قُوّات أمريكية ميدانية في اليمن، ويأتي عملها، في إطار الدعم اللوجيستي والاستخباراتي لقوى تحالف العدوان، ومشاركة الجيش السعودي في حماية حدوده وتأمينها، خصوصا بعد النجاحات التي حققها الجيش اليمني، واللجان الشعبية الداعمة له، في اقتحام تلك الحدود بشجاعة نادرة، وتكبيد قوى العدوان خسائر فادحة في الارواح والاعتدة، وبرر المتحدث الامريكي ذلك، بقلق بلاده من أي وجود من شأنه أن يهدّد الأمن السعودي، معتبراً أنّ إيران و حزب الله و أنصار الله، تهديد حقيقي للسعودية.
اعتراف يأتي بعد إنكار مستمر طوال سنوات العدوان الثلاث الماضية، اقتصر على الحديث عن دعم أمريكي محدود، تمثل في تزويد السعودية بأسلحة حديثة، عن طريق صفقات البيع، وتزويد طائرات العدوان بالوقود جوّاً، ناهيك عن الدور اللوجيستي والاستخباراتي، وتبين من هذ الاعتراف الوقح، إن أمريكا تشارك بجنودها على الأرض منذ بداية العدوان على اليمن، وتنفّذ مع قوى تحالف العدوان، عدة عمليات عسكرية لأكثر من هدف.
ولقد كانت البصمات الأمريكية بادية، على العدوان الذي تعرض له اليمن، منذ بداية وقوعه، فلا النظام السعودي كان بإمكانه أن يشن حربا – رغم ترسانته المكتظة بمختلف أنواع الاسلحة – خصوصا وان قواته مؤلفة معظمها من مرتزقة، باعتهم بلدانهم بالوعود كالسودانيين، الذين تكبدوا وحدهم خلال مشاركتهم العدوان على اليمن مئات القتلى والجرحى، ولم يجنوا من وراء اشتراكهم الآثم، سوى الخسران المبين، ولا كان باستطاعة حكام الحجاز أن ينشئوا تحالفا، مع عدد من الانظمة العربية، دون إذن أمريكي، وضوء أخضر منه.
هذا الاذن الامريكي، أعطي أخيرا للسينغال، فأرسلت 2100 عسكري، للقتال مع تحالف العدوان، بذريعة مخادعة للشعب السينغالي، هدفها حماية وتأمين الأماكن المقدسة، مكة المكرمة والمدينة المنورة، كأن مقاومة الشعب اليمني لغزاة أرضه منذ ثلاث سنوات، شكّلت تهديدا مكة والمدينة، وهذا منتهى تزييف الواقع، الذي كشف عن عدوان سافر على اليمن، وتواطئ خسيس من عدد من الدول الطامعة في الاموال، وصمت دولي لا مبرر له.
الاستدراج السعودي لعدد من انظمة الدول الافريقية، بدأ منذ سنتين ( مارس 2016)، عندما شاركت السنغال، ومصر، والسودان، وتشاد، وجزر القمر، وموريشيوس، وجيبوتي، وتونس، والمغرب، وموريتانيا، في مناورات رعد الشمال في حفر الباطن.
إذا بدت أمريكا هي أصل الداء، الذي أصاب اليمن وأهله- كما أصاب من قبل الشعوب المكتوية بنار إجرامها – ومنشأ ذلك معرفتها يقينا بأن أنصار الله اليمنيين، يحملون عقيدة معادية لزعيمة الاستكبار العالمي أمريكا، ومعها ربيبتها إسرائيل.
هذه العقيدة التي تسعى الى مناصرة جبهة الاستضعاف في مواجهة الاستكبار العالمي الذي تتزعمه أمريكا، من أجل استعادة حقوق الشعوب المظلومة والمهضومة الجانب، بدأ من الشعب الفلسطيني، عبر تأسيس فصائل مقاومته الاسلامية، وانخرط في مسار المواجهة مع العدو الصهيوني، كحل وحيد لا بديل عنه، معلنا بطلان جميع مشاريع الاستسلام والمعبّر عنها بالتسوية، فما أخذ بالقوة لا يستردّ بغير القوة.
ما أزعج امريكا وحلفاءها وعملاؤها هو تنامي ظاهرة تقبل مشروع محور المقاومة في تحرير فلسطين ومقاومة الاستكبار الامريكي، وهذا جعلهم يتخذون قرارا بضرب تمدده في أي مكان، قريبا كان من حدود فلسطين المحتلة كلبنان وسوريا، أم بعيدا عنها كاليمن، التي لم تخفي حركتها الاسلامية (أنصار الله)عناوين عقيدتها السياسية حيال الصهيونية والاستكبار وعملاءهم.
مواجهة أصبحت مفتوحة على جميع الاحتمالات والاصعدة تقترب من حرب شاملة، ستكشف عن مزيد من الانظمة العميلة لأمريكا ولقيطتها اسرائيل، وتبدو الكفة راجحة الى جانب محور المقاومة الاسلامي، لأنه على الحق منذ تأسيسه، وفي صالح الامة الاسلامية، ومستقبلها الذي يخلصها من التبعية، (وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون).