إذا كان البعض يتوقع من التئام قمم القمم في الرياض والبحرين خيرا، فعليهم أن يراجعوا بداية أنفسهم، وهم يراقبون زحف اليمنيين نصرة للقدس، ومئات الآلاف من الفلسطينيين وهم إلى مسرى نبيهم العربي العظيم يزحفون، قبل أن ينطلي عليهم ما انكبوا عليه أولئك المهللون، من زيف دعواهم في السعي نحو وحدة الصف العربي والإسلامي، وأسمى قضاياهم في تراجع وأفول، حتى تحل مكانها العداوة المصطنعة لأخوة لهم في المصير والدين!
وربما كان علينا من الأولى القول أنهم حسنا ما يصنعون، بعد أن عروا أنفسهم بأنفسهم وقد لفظتهم الجماهير عليهم أولياء، وهم عن قضايا أمتهم يساومون ويتآمرون، وفي أحسن الأحوال يسهون ويتغافلون! وإذا كان البعض من هذه اللقاءات إنما الغاية منها، إثبات دور لهم في مشهد التعقيدات الإقليمية والدولية، فكيف بالله عليهم أن يكون، بعد أن أفرغوا جيوب شعوبهم تنازلا عند مطالب ترامب المأفون، وفتحوا أراضي وأجواء ومياه بلادهم إلى الحشود الإستعمارية، وهم عن نواياهم السيئة ليسوا بغافلين، إلا أن تكون التحديات التي تواجه الأمتين العربية والإسلامية كما يزعمون، ضربا من الخيال والكذب والمناورة على شعوبهم كما يصورون!
إنها ليست المرة الأولى التي يتنادى بها آل سلول، إلى عقد مثل هذه الإجتماعات والمماحكات، كما سبقها غيرها من قبل، في تشكيل المحاور وبناء التحالفات، لم نسمع شيئا عن جدواها، إلا المزيد من إرهاق دماء الأهل من اليمن إلى ليبيا وسورية الأبرياء، ثم لا يلبثون بعدها للقضاء على الإرهاب ما فاح من النتنة أفواههم يتقولون، أنها الخطوة الأساسية للحفاظ على الأمن القومي العربي، وكأن خطره القائم والدائم لم يبدأ، إلا يوم قيام الثورة الإسلامية، وليس يوم كانت إيران “الشيعية” تحكمها الشاهنشاهية، وفلسطين التي غدت تحكمها الصهيونية، يوم باركها لهم آل سعود عبد العزيز تنازلا عند الرغبات البريطانية!
أما إذا كانت حقا في مقدمة أولوياتهم، وحدة الصف العربي ضمانا للحفاظ على أمنهم القومي، فلعله من الأجدر بهم لو كانوا صادقين، أن يرخوا السمع إلى سماحة السيد، وهو يضع النقاط على الحروف، في تجنب “الجريمة الأخلاقية”، المتمثلة فيما تسمى “صفقة القرن” الترامبية، بدل أن يصغوا لهذا الأخير، على إذلالهم وابتزازه لهم صاغرين، حتى يجنبوا أنفسهم يوما لا مفر منه، يوم لن تنفع هؤلاء المنقلبون أمريكا ولا بني صهيون، بعد أن تكون بلادهم قد خوت من الذهب الأسود، وغيره من النعم والخيرات التي لا تدوم!
*فلسطيني واشنطن