بقلم محمد المهدي عجيلي-قاض من الرتبة الأولى وباحث دكتوراه في القانون الخاص
مقدّمة:
تشهد أماكن متفرقة من العالم خلال هذه الفترة نزاعات مسلحة تنتهي يوميا بفواجع ومصائب وكوارث إنسانية لعل ليس آخرها الحرب الروسية الأوكرانية التي خلفت آلاف القتلى والجرحى فضلا عن المذابح والإعدامات التي وقعت تحت مظلة مقتضيات الحرب، هذا دون أن ننسى الضحايا المدنيين والنساء والأطفال الذين يتم تجنيدهم قسرا وتوظيفهم حطبا لحروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
مهما حاول البعض إيجاد التبريرات والتفسيرات لهذه الممارسات فإنها تبقى ممنوعة ومجرّمة انطلاقا من قواعد القانون الدولي الإنساني وقد أصبح المجتمع الدولي متأهبا للتصدي لها منذ الحرب العالمية الثانية وما شهدته من فضائع[1]، ومنذ اعتماد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في 17 جويلية 1998 أصبح لدينا تعريف قانوني للجرائم الدولية التي ترتكب أثناء النزاعات المسلحة وعلى رأسها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم العدوان[2].
يقصد بالجريمة الدولية كل فعل أو سلوك إيجابي يحضره القانون الدولي الجنائي ويقرر لمرتكبيه جزاء جنائيا[3].
وقد أنشئت المحكمة الجنائية الدولية كمحكمة خاصة (Ad Hoc) لمحاكمة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لأحكام القانون الدولي الإنساني على إقليم يوغسلافيا السابقة اعتبارا من أول جانفي 1991 بقرار مجلس الأمن رقم 827 لسنة 1993 الصادر استنادا إلى أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة[4].
وتخضع المحكمة في اختصاصها وأسلوب عملها إلى أحكام نظام روما الأساسي وتنظم العلاقة بين المحكمة والأمم المتحدة بموجب اتفاق تعتمده جمعية الدول الأعضاء في هذا النظام الأساسي ويبرمه بعد ذلك رئيس المحكمة نيابة عنها[5].
تعد محكمة الجنايات الدولية جزءا من النظام الدولي لحماية الحقوق الإنسانية وتأكيد سلطة القانون الدولي وتشكل الإيمان بالعدالة والمساءلة في الوقت الذي يتعرض فيه الكثير من الأشخاص لانتهاكات وجرائم قاسية[6].
عندما تمتلك محكمة الجنايات الدولية سلطة ملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم، يمكنها تحفيز الدول للالتزام بالالتزام بالقواعد الدولية الإنسانية والحقوقية والعمل على احترام حقوق الإنسان[7]، كما يمكن لمحكمة الجنايات الدولية المساهمة في تأمين العدالة للضحايا وإنهاء العنف والنزاعات المسلحة.
تهدف محكمة الجنايات الدولية إلى تحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان وتعزيز السلم والأمن الدوليين. وتلعب دورا هاما في حماية حقوق الإنسان عبر توفير آليات تحقيق العدالة الدولية في حالات الجرائم الدولية التي يصعب السيطرة عليها على المستوى الوطني، مما يساهم في منع حدوث جرائم أخرى مشابهة في المستقبل.
علاوة على ذلك، فإن محكمة الجنايات الدولية تشجع على احترام حقوق الإنسان ومعاقبة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية، مما يدفع إلى ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع الدولي.
وتلعب محكمة الجنايات الدولية دورا مهما كذلك في حماية الضحايا وتعزيز حقوقهم، فعندما تصدر المحكمة أحكاما بالإدانة، يتم تعويض الضحايا وأسرهم، ويتم تطبيق العقوبات على المسؤولين عن الجرائم، وبالتالي يتم تحقيق العدالة ويتم إحداث تغيير في النظام القائم في الدولة التي شهدت تلك الجرائم.
هذا بالإضافة إلى دور محكمة الجنايات الدولية في محاسبة المسؤولين عن الجرائم المتصلة بانتهاك حقوق الإنسان كالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية فضلا عن الجرائم المتصلة بانتهاك السلام والأمن الدوليين كجرائم الحرب وجرائم العدوان.
وتسهم المحكمة أيضا في حماية وتعزيز حقوق الإنسان بصفة عامة عن طريق العمل على تطوير القانون الدولي الإنساني وتحديثه.
وعلاوة على ذلك، فإنها تعزز مفهوم العدالة الدولية وتعزز التزام الدول بالعمل على منع الجرائم الخطيرة ضد الإنسانية ومحاسبة المسؤولين عنها.
وتلعب المحكمة دورا مهما في تعزيز حقوق الضحايا، حيث تسعى المحكمة إلى توفير العدالة لهم والحفاظ على كرامتهم وحقوقهم. وتحاول المحكمة تحقيق هذا الهدف من خلال توفير المساعدة اللازمة للضحايا والشهود، والتعاون مع الجهات الحكومية والمنظمات الأخرى المعنية بحماية حقوق الإنسان.
وتشمل جهود المحكمة لتعزيز حقوق الإنسان أيضا توفير التدريب والتعليم للقضاة والمحامين وغيرهم من العاملين في مجال العدالة الدولية. كما تقوم المحكمة بتنظيم العديد من الفعاليات والندوات وورشات العمل لتعزيز الوعي بقضايا حماية حقوق الإنسان وتعزيز العدالة الدولية.
وبشكل عام، فإن دور محكمة الجنايات الدولية في حماية وتعزيز حقوق الإنسان يعد أحد أهم مساهماتها في إيجاد بيئة دولية تعزز السلام والعدالة وحقوق الإنسان.
جزء أول: دور محكمة الجنايات الدولية في ملاحقة المجرمين ومعاقبتهم
عنصر أوّل: تتبع المجرمين من خلال محكمة الجنايات الدولية
التتبع اجراء منظم الغاية من ملاحقة مرتكب الجريمة بهدف محاكمته وتسليط العقاب عليه إذا ما ثبتت إدانته[8]، وأول خطوات التتبع هو تحريك الدعوى العمومية عبر البدء في مباشرتها أمام الجهة المختصة قي المحكمة الجنائية الدولية الدائمة[9].
ويمكن إحالة هذه الجرائم إلى المحكمة الدولية بعد انتهاء الجهود المحلية لملاحقة المتهمين ومحاكمتهم، أو عند عدم وجود نظام قضائي فعال لمحاكمة هذه الجرائم في البلد المعني بموجب المادة الخامسة من نظام روما الأساسي.
ويمكن للأفراد والمنظمات والحكومات إحالة قضايا إلى محكمة الجنايات الدولية. وتختلف صور الإحالة على المحكمة، ولكن من أبرزها:
1- الإحالة من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
. 2- الإحالة من قبل حكومة دولة طرف في اتفاق روما.
. 3- الإحالة من قبل النيابة العامة للمحكمة الدولية الجنائية.
. 4- الإحالة من قبل دولة غير طرفة في اتفاق روما، ولكن يجب أن توافق المحكمة على اختصاصها بالنظر في الجرائم المرتكبة.
. 5- الإحالة الطوعية من قبل الشخص المتهم أو المشتبه به.
إحالة القضية إلى محكمة الجنايات الدولية تتم عادة عندما يكون النظام القضائي في الدولة المعنية غير قادر على القيام بالتحقيق والمحاكمة بشكل كامل وعادل. ويتم إحالة القضية إلى المحكمة في حالة إذا لم تتمكن الدولة المعنية من محاسبة الأشخاص المشتبه بهم أو ملاحقتهم بسبب العراقيل التي تواجه النظام القضائي في ذلك البلد.
يقوم المدعي العام بإجراء تحقيقات حول الجرائم المزعومة التي تشمل الجرائم المنصوص عليها بالمادة الخامسة. ويجري هذا التحقيق على أساس الشكاوى التي تقدمها الدول الأطراف أو المنظمات غير الحكومية أو الأفراد. مع الإشارة إلى أن المشروع الذي عرض على الأعضاء في المؤتمر الديبلوماسي المنعقد بروما آنذاك تضمن ثلاث جرائم أخرى غير تلك المنصوص عليها بالمادة الخامسة وهي الجرائم الإرهابية وجرائم المخدرات وجرائم الإتجار بالأشخاص[10].
يمكن أن تقوم الدولة التي وقع في أراضيها السلوك الإجرامي بإحالة الواقعة إلى محكمة الجنايات الدولية، ويمكن أيضًا أن تتم إحالة الواقعة من قبل الدولة التي يحمل المتهم جنسيتها، إذا كانت هذه الدولة موقعة على اتفاقية روما الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية. ويتم ذلك وفقًا للمادة 14 من الاتفاقية[11].
تلقت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا في 20 ماي 2021 طلبا رسميا من السلطة الفلسطينية لفتح تحقيق في الجرائم المحتملة التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، منذ جوان 2014.
وتعد هذه المرة الثالثة التي تطلب فيها السلطة الفلسطينية من المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في الجرائم المحتملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكنها المرة الأولى التي تم فيها إرسال طلب رسمي إلى المدعية العامة. ومن المتوقع أن يستغرق التحقيق وقتًا طويلا، وقد يتطلب الأمر سنوات لإجراء تحقيق شامل ومفصل في الجرائم المحتملة المرتكبة في الأراضي الفلسطينية.
وتعتبر إحالة دولة فلسطين الإحالة الثامنة من دولة طرف منذ بدء نفاذ نظام روما الأساسي الاساسي في 1 جويلية 2002، وسبق للمحكمة الجنائية الدولية أن تلقت طلبات للتحقيق في جرائم قتل وانتهاكات لحقوق الإنسان في الكونغو الديمقراطية وأوغندا ودارفور وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وجمهورية كوت ديفوار وجمهورية مالي. وتعتبر هذه الإحالات جزءًا من جهود المجتمع الدولي لمكافحة جرائم الحرب وجرائم الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية[12].
ويجوز للمدعي العام أيضا تقديم طلب للمحكمة الجنائية الدولية لإجراء تحقيق في واقعة معينة، وهذا يسمى “الاحالة التلقائية”. ويتم ذلك وفقًا للمادة 15 من الاتفاقية، حيث يجب على المدعي العام تزويد المحكمة بالمعلومات المتعلقة بالواقعة المزعومة وجرائمها، وإذا قررت المحكمة أن هناك أساسًا للتحقيق، فإنها ستصدر أمرًا بالتحقيق[13].
عنصر ثان: معاقبة محكمة الجنايات الدولية للمجرمين
تعتمد محكمة الجنايات الدولية النظام الإتهامي في عملها، ويشمل ذلك إدعاء المدعي العام بالاتهام رسميا ضد المشتبه بهم بارتكاب جرائم يمكن محاكمتهم على أساس القانون الدولي الإنساني وقواعد القانون الدولي الإجرائي. ويتم من خلال هذا النظام استدعاء الشهود وجمع الأدلة وتقديمها للمحكمة من قبل النيابة العامة، ويتم إجراء المحاكمة وفقًا للإجراءات القانونية المعتمدة في النظام الجنائي الدولي[14].
عندما تتم إحالة القضية إلى المحكمة، يجب أن يتم توفير كل الأدلة اللازمة لدعم الاتهامات الموجهة للمشتبه به. ويتم عقد جلسات المحاكمة في مقر المحكمة الدائم في لاهاي بالمملكة الهولندية، ويتم تشكيل لجنة من القضاة المؤهلين لمحاكمة الجرائم الدولية.
يتمتع المشتبه به بحقوق المدافعة الكاملة خلال المحاكمة، بما في ذلك حق التمثيل القانوني وحق التعرف على الأدلة المقدمة ضده. وفي حالة إدانته، يمكن للمحكمة إصدار حكم بالسجن لمدة تصل إلى 30 عاما أو السجن مدى الحياة. وفي بعض الأحيان، يمكن للمحكمة تغريم المتهم أو إصدار أوامر لتعويض الضحايا.
اتخاذ المدعي العام لدى محكمة الجنايات الدولية قرارا بفتح تحقيق من عدمه في خصوص موضوع ما يتعلق باختصاص المحكمة يخضع لمراحل عديدة، في المرحلة الأولى يتم التثبت وفرز المعطيات المتوفرة لدى الإدعاء العام للتأكد من صحتها وانطلاقا منها يتخذ القرار إمام بالحفظ وعدم مواصلة التعهد أو مواصلة العمل والانتقال للمرحلة اللاحقة.
في المرحلة الثانية يتم التمعّن في المعلومات توصّلا إلى إحدى نتيجتين، إمام نتيجة إيجابية وإمام سلبية لعدم كفاية أدلة الإدانة.
وفي المرحلة الثالثة يبدأ التحقيق بعد توصّل المدعي العام إلى إقراره بمباشرة التحقيق والذي تنجر عنه استتباعات عديدة على رأسها تقديم طلب إلى الدائرة التمهيدية لمباشرة التحقيق في الأفعال موضوع الشكوى مرفقا بما يتوفر لدى الإدعاء العام من مؤيدات ووسائل إثبات وهو ما نصت عليه المادة 15 (2) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية[15].
القواعد السائدة أمام القضاء الدولي لا تتضمن أي قيود، أو حدود، بشأن أنواع الأدلة التي يمكن للأطراف الاعتماد عليها لإثبات ادعاءاتهم، فلا يوجد أمام القضاء الدولي ما يلزم الأطراف بإثبات ادعاء معين بطريق محدد من طرق الإثبات، كما هو الحال في القوانين الداخلية.
ويمكن تقسيم طرق الإثبات المقدمة من الأطراف أمام القضاء الدولي وفقا لمعايير متعدّدة، فمن حيث دلالتها على الواقعة محل الإثبات، تنقسم طرق الإثبات إلى طرق مباشرة، أي تنصبّ مباشرة على الواقعة المراد إثباتها، كالكتابة والشهادة، وطرق غير مباشرة، أي تنصبّ على واقعة أخرى بديلة لا تتصل مباشرة بوجود الحق، وإنما تؤدي عن طريق إعمال العقل، وبطريق غير مباشرة إلى الحقيقة كالقرائن القانونية والقضائية[16].
وتختلف طرق الإثبات المقبولة أمام القضاء الدولي حسب نوع المحكمة والقانون الذي تعتمده. ومع ذلك ، يمكن تلخيص بعض الطرق الشائعة للإثبات أمام القضاء الدولي على النحو التالي:
الوثائق: يمكن استخدام الوثائق لإثبات الأحداث أو الحقائق المتعلقة بالقضية، مثل العقود أو الاتفاقيات أو التقارير الحكومية أو الأوراق المالية. يمكن أن تكون الوثائق الرسمية أو غير الرسمية ، ويتم تحليلها وتفسيرها من قبل المحكمة وفقًا للقانون الذي تعتمده.
الشهادات: يمكن استدعاء الشهادات من الشهود الذين يملكون معلومات حول الأحداث المتعلقة بالقضية. يتم استجواب الشهود من قبل المدعي العام أو المحامين ويتم استنتاج أدلة من شهادتهم.
الخبراء: يمكن استدعاء خبراء لتقديم تحليلات فنية أو علمية للأدلة، مثل تحليل الحمض النووي أو تحليل الأدلة الرقمية. يتم تحليل تقارير الخبراء من قبل المحكمة ويتم اعتمادها كأدلة في الحكم.
التصوير الفوتوغرافي: يمكن استخدام الصور والفيديو لتوثيق الأحداث والحوادث المتعلقة بالقضية. يمكن استدعاء خبراء لتحليل الصور والفيديوهات وتقديم تحليلات فنية حول ما يظهر فيها.
الأدلة العلمية: يمكن استخدام الأدلة العلمية لإثبات الأحداث المتعلقة بالقضية. مثل التحاليل الكيميائية أو الأدلة الجنائية الأخرى.
وعندما يصدر القضاء الدولي الأمر بإصدار مذكرة اعتقال، يجب على الدول الأعضاء في معاهدة روما التعاون مع المحكمة في تنفيذ المذكرة وتسليم المتهم إلى السلطات المختصة في المحكمة. إذا لم تتمكن الدولة الأعضاء في تسليم المتهم، فإن المحكمة يمكنها إصدار مذكرة تفتيش دولية واستخدام قوة الضبط الجنائي الدولي لتوقيف المتهم.
إذا تمت إدانة المتهم، فإن المحكمة يمكنها فرض عقوبات مثل السجن والغرامات. كما يمكن للمحكمة أيضا تعويض الضحايا عن الأضرار التي لحقت بهم. ومع ذلك، يتوقف نجاح محاكمة المتهمين على التعاون الدولي وتنفيذ الأوامر الصادرة عن المحكمة من قبل الدول الأعضاء في معاهدة روما.
ومن المفروض مبدئيا أن يكون المتهم ماثلا أمام محكمة الجنايات الدولية، أي أن تكون المحاكمة حضوريّة لكن النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية منح للدائرة الابتدائية صلاحية إبعاد المتهم عن الجلسات إذا حاول عن قصد عرقلة عملية محاكمته، لكن ذلك شريطة توفير كل الظروف والوسائل الضرورية للمتهم سواء بنفسه أن عن طريق محاميه وفريق دفاعه لممارسة حقه في الدفاع عن نفسه ويكون ذلك على سبيل المثال عبر استعمال الوسائل والتقنيات التكنولوجية الضرورية[17].
أما إذا كانت المحاكمات جماعية فيمنح كل متهم نفس الحقوق ذاتها التي كانت ستمنح له لو حوكم بصورة فردية، ما لم تقرر المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من المدعي العام أو الدفاع بإجراء محاكمات فردية لكل متهم إذا رأت ذلك ضروريا لتحقيق صالح العدالة[18].
وجدير بالذكر أن محكمة نورمبورغ الألمانية نصت في المادة 12 من نظامها الأساسي على أن المحكمة تستطيع محاكمة أي متهم غيابيا[19].
ومن الجدير بالذكر أن المادة 21 من النظام الأساسي للمحكمة حسم الجدل حول القانون الواجب التطبيق أمام المحكمة في النزاعات التي تنظر فيها حيث يجب على المحكمة أن تراعي ترتيبا معينا في تطبيق المصادر وذلك مفصّل في المادة 21.
جزء ثان: التحديات التي تواجه محكمة الجنايات الدولية
تواجه محكمة الجنايات الدولية عديد التحديات في عملها يمكن تقسيمها إلى تحديات تتعلّق بالقانون والسياسة (عنصر أول) وتحديات أخرى تتعلق بالموارد والإدارة (عنصر ثان).
عنصر أوّل: التحديات المتعلقة بالقانون والسياسة
تواجه محكمة الجنايات الدولية العديد من التحديات القانونية والسياسية التي تعترض عملها، ومن أبرز هذه التحديات عدم توقيع العديد من الدول على اتفاقية روما التي أسست محكمة الجنايات الدولية وبالتالي عدم اعترافهم بسلطة المحكمة.
ويعتبر عدم انضمام الدول الكبرى إلى اتفاقية روما لإنشاء محكمة الجنايات الدولية من العوائق التي تحول دون تنفيذ قرارات المحكمة، حيث تتطلب القضايا الجنائية الدولية تعاونا دوليا لتقديم المجرمين إلى العدالة وتنفيذ الأحكام.
تواجه المحكمة صعوبات قانونية وإجرائية في جمع الأدلة وتحديد المسؤوليات في بعض الجرائم مثل جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية فضلا عن التدخل السياسي من بعض الدول في قضايا يتم التحقيق فيها من قبل المحكمة، والذي يمكن أن يؤثر على استقلالية ونزاهة العمل القضائي ناهيك عن قيود القانون الدولي الخاصة بالحصانة الدبلوماسية والرؤساء والزعماء الذين يتمتعون بحصانة من المحاكمة.
يمكن أن تتعرض محكمة الجنايات الدولية لتعطيل من بعض الدول التي ترفض التعاون مع المحكمة في جمع الأدلة وتسليم الجناة وتقديم الوثائق اللازمة للتحقيق. ويمنح بعض الدول الحصانة الدبلوماسية لمن يعتبرونهم أفرادًا ذوي صفة مهمة في حكوماتهم، وبالتالي يمكنهم تجاهل طلبات المحكمة وعدم التعاون معها في التحقيقات والمحاكمات القضائية.
ومن الأمثلة على تدخل القوى الكبرى في تعطيل عمل محكمة الجنايات الدولية، مثل الحرب الأمريكية في العراق عام 2003 ففي عام 2002 أقر الكونغرس الأمريكي قانونًا يحمي الجنود الأمريكيين والموظفين الحكوميين الذين يتعرضون للملاحقة الجنائية من قبل المحكمة الجنائية الدولية. وعلى الرغم من أن العراق ليس طرفًا في اتفاقية روما، إلا أن المحكمة الجنائية الدولية تتبع نظامًا ينص على أن الجرائم التي ارتكبت في الأراضي التي تخضع لولاية الدول الطرف يمكن أن تتم معاقبة من خلال المحكمة الجنائية الدولية.
ومع ذلك، رفضت الولايات المتحدة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق في الحرب في العراق، وحملت القانون الأمريكي الذي يحمي الجنود الأمريكيين من الملاحقة الجنائية من قبل المحكمة الجنائية الدولية الأمم المتحدة مسؤولية تقييد السيادة الوطنية وحق الدول في تحديد قضاياها الجنائية.
وفي اطار عمل المحكمة فإن التفتيش كإجراء مخول للمدعي العام القيام به، يفيد في إظهار الحقيقة سواء كانت أدوات مستعملة في ارتكاب الجريمة أو موضوعا للجريمة أو أثرا من آثارها.
غير أن هذا الإجراء يقلّ في الجرائم الدولية لأنه يتطلّب توجيه طلب رسمي إلى الدولة الواقع على إقليمها ارتكاب الجريمة وهو ما يستغرق وقتا طويلا مما يساعد كل شخص ارتكب الجريمة أو شارك فيها إلى إخفاء أو إتلاف كل ما له علاقة بالجريمة المرتكبة وبذلك تصبح الإجراءات الطويلة سببا غير مباشر يساعد مرتكبي الجرائم على الإفلات من العقاب[20].
من خلال استقراء نص المادة 5 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، نرى أن المحكمة اختصت بعدد محدود من الجرائم الدولية، وقد أثارت مسألة الاختصاص الموضوعي للمحكمة الكثير من النقاشات الطويلة داخل لجنة القانون الدولي، فعند إعداد المشروع الأول الخاص بإنشاء المحكمة كانت هناك اقتراحات أن تمارس المحكمة اختصاصها على جميع الجرائم التي نظمتها الاتفاقيات هذا المقترح لم يلق القبول، فعلى الرغم من العدد الكبير لهذه الجرائم، إلا أنه لم الدولية، إلا أن يكن هنا في المشروع اتفاقا على تعريفها وتجريمها دوليا، ومن ثم قيام اختصاص المحكمة الجنائية عليها، فضلا عن إضافة ثلاثة جرائم أخرى هي جريمة الاتجار بالبشر والجرائم ضد موظفي الأمم المتحدة وجريمة الإرهاب[21].
وقد شكلت مسألة اختصاص المحكمة واقتصارها على طائفة محدودة من الجرائم الدولية خلافات واسعة بين الدول أثناء مؤتمر روما؛ إذ طالبت بعض الدول بتوسيع اختصاص المحكمة ليشمل جميع الجرائم الدولية، بينما ذهب بعض الدول إلى أن توسيع اختصاص المحكمة، سوف يقلل من مقبوليتها على الصعيد الدولي بسبب إحجام عدد كبير من الدول على الموافقة على الانضمام للقانون الأساسي للمحكمة المحكمة ، ونرى بأن توسيع دائرة اختصاص موضوع المحكمة غير صحيح؛ حيث أن المحكمة ستصبح أكثر سلطة مما يجعل الدول الأطراف عرضة للسيطرة من طرف المحكمة، كما أن المحكمة الجنائية ليست بذلك الحجم الذي يجعلها تنظر في آلاف الجرائم الدولية في وقت واحد، لذلك فإن تقييد المحكمة في أربع جرائم دولية، من شأنه أن يبين مدى فعالية المحكمة الجنائية في إقرار العدالة الجنائية الدولية، فيما لا يمكن للمحكمة أن تقوم بمهامها في ظل عدد كبير من الإحالات من طرف الأطراف ومجلس الأمن والمدعي العام[22].
تواجه محكمة الجنايات الدولية تحديات في تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحكمة، حيث يتطلب ذلك التعاون من الدول المعنية، ولكن قد تواجه محكمة الجنايات الدولية صعوبات في الحصول على هذا التعاون، سواء بسبب العقبات السياسية أو القانونية أو الإجرائية.
تواجه المحكمة الجنائية الدولية تحديات لغوية وثقافية، حيث أن المحكمة تتعامل مع القضايا المتعلقة بجرائم ارتكبت في أماكن مختلفة في العالم وتتضمن متهمين وضحايا من خلفيات ثقافية ولغوية مختلفة، مما يتطلب توفير المترجمين والمترجمين الفوريين المؤهلين لتسهيل عملية التواصل والتفاهم بين جميع الأطراف فضلا عن تحديات التوازن بين المصالح القومية والإنسانية، ففي بعض الحالات يمكن أن تتعارض مصالح الدول مع تطبيق العدالة الجنائية الدولية، مما يعرض المحكمة للانتقادات والضغوط السياسية.
ومن التحديات القانونية التي تواجه عمل المحكمة نجد أن ممارسة مجلس الأمن الدولي لسلطته في تعليق إجراءات المحكمة الجنائية الدولية يؤثّر أيضا على هذه الأخيرة من حيث تعاون الدول معها، فإذا كانت سلطة المجلس في الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية تفرض على الدول واجب التعاون مع المحكمة، بغض النظر عن كونها طرفا في نظامها الأساسي أم لا، فإن ممارسة المجلس لسلطته في تعليق إجراءات المحكمة، يفرض على الدول عدم القيام بأيّ عمل يتنافى مع هذا التعليق. أي أنّه يفرض على الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة الالتزام بعدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، طوال مدة التعليق، ويستند هذا الالتزام على أساس المادة 41 من ميثاق المنظمة وبالتالي تتحرر هذه الدول من الالتزامات التي يفرضها عليها النظام الأساسي لهذه المحكمة[23].
ومع وجود هذه التحديات، فإن محكمة الجنايات الدولية ما زالت تعمل على تطوير نفسها وتعزيز عملها لتحقيق العدالة الجنائية الدولية، وذلك من خلال التعاون الدولي والتوعية العامة والتحديث التكنولوجي والتدريب المستمر للقضاة والمدعين وغيرهم من المتخصصين في مجال العدالة الجنائية الدولية.
عنصر ثان: التحديات المتعلقة بالموارد والإدارة:
تواجه محكمة الجنايات الدولية تحديات عديدة فيما يتعلق بالموارد والإدارة مثل عدم توفر الدعم والتعاون الكافي من بعض الجهات الدولية والإقليمية والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، والذي يؤثر على القدرة الفعلية للمحكمة في تحقيق أهدافها.
تعمل المحكمة بميزانية غير كافية حيث تواجه صعوبة في جمع الميزانية اللازمة لتنفيذ مهامها بشكل كامل وفعال، مما يؤثر على القدرة على استخدام التكنولوجيا والموارد اللازمة للقيام بعمليات التحقيق والمحاكمة.
كما تحتاج المحكمة إلى العديد من الموظفين ذوي الخبرة والمهارات المتخصصة في مجالات مثل القانون والتحقيقات والتقنية، وقد تواجه صعوبة في إيجاد الموظفين المؤهلين في بعض الحالات.
وتتطلب المحكمة استخدام التقنيات المتطورة في جمع الأدلة والمعلومات وتحليلها، ولكن قد تواجه تحديات في توفير هذه التقنيات الحديثة وتدريب الموظفين عليها فضلا عن توفير الترجمة والتفاوض بشأن اللغات المستخدمة في الإجراءات القانونية، وهذا يتطلب موارد إضافية لتغطية هذه التكاليف.
تواجه المحكمة تحديات في توسيع نطاق عملها لتشمل الجرائم الجديدة التي تظهر في العالم. ولتحقيق ذلك، يتعين على المحكمة توسيع مواردها وتحسين إدارتها لتلبية الطلب المتزايد على العدالة الدولية.
وتعتمد المحكمة الجنائية الدولية بشكل كبير على تمويل الدول الأعضاء والمانحين الدوليين ولتأمين الدعم المالي المستدام، يتعين على المحكمة تطوير استراتيجيات جديدة لجذب التمويل وزيادة الشفافية والمساءلة في استخدام الموارد المالية.
تتطلب المحكمة الجنائية الدولية أن تكون شفافة ومسؤولة في إدارة الموارد المالية والإدارية. ويتعين عليها تحسين الممارسات الإدارية وزيادة الشفافية والمساءلة في جميع جوانب عملها، من أجل تعزيز الثقة في المحكمة وتحقيق العدالة الدولية بشكل أكبر.
هدّدت الولايات المتحدة الأمريكية بعدم دفع الحصّة المالية المقرّرة لعمليات حفظ السلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة والمقدرة بربع الميزانية الإجمالية، التي تساهم بها الولايات المتحدة الأمريكية المخصصة لهذه العمليات[24].
لم تحدد المحكمة مقرا دائماً لها، وهذا يشكل مشكلة في بعض الأحيان في تأمين الإجراءات اللازمة للمحكمة .ومن المهم الإشارة إلى أن التحديات السابقة لا تعني بالضرورة عدم فعالية محكمة الجنايات الدولية، فالمحكمة قد نجحت في معالجة العديد من القضايا المعقدة والحساسة، وحققت بعض الانتصارات في الحفاظ على حقوق الإنسان وتطبيق العدالة الجنائية الدولية. ومع ذلك، فإنه من المهم العمل على تجاوز هذه التحديات والتعامل معها بفعالية لتحقيق العدالة والحفاظ على حقوق الإنسان.
ومن أجل تطوير عمل محكمة الجنايات الدولية على المستوى التمويلي، يمكن اللجوء إلى زيادة المساهمات المالية من الدول الأعضاء: يمكن للدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية زيادة مساهماتها المالية لدعم المحكمة وتوفير الأموال اللازمة لتمويل عملها.
يمكن كذلك للمحكمة الجنائية الدولية الاعتماد على التبرعات من المنظمات والأفراد الذين يرغبون في دعم عمل المحكمة فضلا عن تحسين إدارة الموارد، حيث يمكن للمحكمة الجنائية الدولية تحسين إدارة الموارد المالية التي تتلقاها، وتقليل التكاليف العامة عن طريق تحسين الكفاءة في استخدام الموارد.
يمكن كذلك التعاون مع الجهات الدولية الأخرى إذ يمكن للمحكمة الجنائية الدولية التعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، لتحسين تمويل عمل المحكمة. فضلا عن تنويع مصادر التمويل إذ يمكن للمحكمة الجنائية الدولية تنويع مصادر تمويلها عن طريق تطوير مشاريع مالية مثل إصدار السندات، أو البحث عن شركاء للاستثمار في المحكمة.
مراجع
[1] عقب الجرائم والمذابح التي شهدها العالم خلال الحرب العالمية الثانية تشكلت سنة 1943 لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في جرائم الحرب بقصر سانت جيمس، لكن سيطرت الاعتبارات السياسية على سير أعمالها وكان دورها نتيجة لذلك محدودا. (نضال لبيض: التتبع والتحقيق أمام المحكمة الجنائية الدولية، مجمع الأطرش للكتاب المختص، تونس، 2022، ص 22).
[2] Sharon A. Williams: The Core Crimes in The Rome Statute on The International Criminal Court, in The Chaning Face, June 2001, p. 64.
[3] BASSIOUNI (C): introduction au droit pénal, BRYLANT, BRUXELLES, 2002, P. 92.
[4] محمد أمين المهدي، شريف علتم، دوللي حمد: الجرائم التي تختص بها المحكمة الجنائية الدولية، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الجزائر، ص 17.
[5] كان هناك حرص واضح خلال مناقشات مؤتمر روما للمفوضين الدبلوماسيين المعني بانشاء المحكمة الجنائية الدولية على أن لا يدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية إلا أشد الجرائم خطورة والتي هي محلّ الإهتمام الدولي (المادة 2 من نظام روما الأساسي. وقد تم اعتماد اتفاق العلاقة بين المحكمة والأمم المتحدة في قرارها عــ318/58ـــدد المؤرخ في 13/09/2004 – تراجع النشرية الرسمية لمحكمة الجنايات الدولية ICC-ASP/3/RES.1، ووثيقة الأمم المتحدة A/58/874).
Claude LOMOIS: Droit pénal international, 2ème édition, Dalloz, Paris, 1979, P 35.
[7] محمد محي الدين عوض: دراسات في القانون الدولي الجنائي، م ق إ، ع.1، 1965، ص 472.
[8] محمد فادن: إجراءات سير الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، مذكرة ماجستير في القانون الجنائي الدولي، جامعة سعد دحلب البليدة – الجزائر، 2005، ص 13.
[9] سليمان عبد المنعم: أصول المحاكمات الجزائية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003، ص. 337.
[10] شفيقة الحجلاوي: اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، م ق ت، 2013، ع 166/167، ص 16.
[11] عصام عبد الرحمان مطر: القضاء الجنائي الدولي، مبادئه وقواعده الموضوعية والإجرائية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2008، ص. 333.
[12] نضال لبيض: التتبع والتحقيق أمام المحكمة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص 38.
[13] لندة معمر يشوي: المحكمة الجنائية الدولية الدائمة واختصاصاتها، ط 1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2010، ص. 241.
[14] أنظر في هذا الصدد لمزيد التفصيل: جابر غنيمي: المحكمة الجنائية الدولية، معهد الدراسات العليا للنشر، 2021، ص 120.
[15] علي جميل حرب: القضاء الدولي الجنائي، ط.1، دار المنهل اللبناني، بيروت، 2010، ص. 275 وما بعدها.
[16] أحمد رفعت مهدي خطاب: الإثبات أمام القضاء الدولي، دار الفكر الجامعي، الإسكندريّة، 2009، ص 285.
[17] منتصر سعيد حمودة: محكمة العدل الدولية، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2012، ص. 255.
[18] يوسف حسن يوسف: المحكمة الدولية، المركز القومي للإصدارات القانونية، مصر، طبعة 2011، ص 154.
[19] جابر غنيمي: المحكمة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص. 136.
[20] نضال لبيض: التتبع والتحقيق أمام المحكمة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص. 59.
[21] تقرير لجنة القانون الدولي المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة 43 ،الوثيقة (40/43/A ،( ص 4.
[22] بو عبد الله بوحجلة: الإحالة على المحكمة الجنائية الدولية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الجنائي، جامعة الجزائر 1 – بن يوسف بن خدّة، كلية الحقوق، الجزائر، 2021، ص 267.
[23] باهية بوغربال: حدود اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، أطروحة دكتوراه في القانون، جامعة مولود معمري – تيزي وزو كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، 2022، ص. 354.
[24] سعد العجمي: مجلس الأمن وعلاقته بالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (دراسة تحليلية لقرارات مجلس الأمن: 1422 و1487 و1497) مجلة الحقوق، تصدرها كلية الحقوق – جامعة الكويت، المجلد 29 ،العدد 4 ، ديسمبر 2005 ،ص 46.