بقلم: محمد بن عمر |
بين عرب يسعون الى العز والكرامة، وعرب سيعون الى الذل والمهانة، يحيك الغرب خيوط مؤامرة جديدة، تستهدف الدين وقيمه وأهله.
يبدو ان الاتفاق النووي الذي ابرمته إيران مع الدول 5+1 في طريقه الى الالغاء، فبعد التهديدات التي اطلقها الرئيس الامريكي دونالد ترامب بتمزيقه، وحدد مهلة 12 مايو لتنفيذ تهديده، على أساس أنه اتفاق كارثي وسيء للغاية – والدافع الحقيقي من وراء ذلك هما الكيانين الصهيوني والسعودي المعارضين له بكل قوة – خرج علينا الرئيس الفرنسي في لقائه بالرئيس الأمريكي، كأنه غرّ صغير في محضر ساحر أمريكي، مأخوذا بطقوسه، لم يتردد في اعلان توافقه مع سياسة سيده صاحب البيت الابيض، بخصوص تعديل الاتفاق وتوسيع نطاقه- حسب ما يأمل الغرب الوصول اليه – ليشمل مجالات اخرى، قد يدركها بالدهاء والخبث السياسي، طالما أنه أخفق في الوصول اليها، بمؤامراته على منطقة الشرق الاوسط، والتي فشلت جميعها، ولم تثمر شيئا يستحق الذكر، كمكسب يريد تحقيقه.
لقد ظهر الرئيس الفرنسي متكلّفا، قد بدت عليه علامات الامتثال لرغبة مضيّفه ترامب، فلم يتردد عن التعبير عما يتوافق ورغبته، فيما نوى عليه من موقف ازاء الاتفاق النووي مع ايران، وهذا ما لم يكن منتظرا من فرنسا، وفي أمانيّ الرئيسين الأمريكي والفرنسي، أن إيران سوف تنزل عند رغبتهما بشأن المقترح الجديد، بحكم الضغط المسلط عليها عقوبات وتهديدات.
لقد عبّر ترامب في مؤتمر صحفي، مع ماكرون في البيت الأبيض، عن انزعاج شديد من إيران، فقال: (أينما ذهبت في الشرق الأوسط تجد بصمات إيران)، في اعتراف صريح منه، بأن الدبلوماسية الايرانية الخارجية نجحت في تعويم ملفاتها الهامة، فيما أخفق الغرب في محاولات صدّها، وغرقت مؤامراته على دول المنطقة في مستنقع الاحباط والفشل.
الرئيس الفرنسي الذي قدم الى واشنطن، من أجل اقناع الرئيس الامريكي بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران، لم يظهر منه ما يفيد عزمه، ويثبت حسن نيته، وعوض أن يتغنى بموّاله الفرنسي أعجبه المنطق الامريكي، وهو منطق عنجهي صلف ليس فيه حكمة بالمرة، كأني به قد سحر من أول زياته، فبدا حملا صغيرا تحت رحمة ذئب كاسر، فصرح بخلاف ما جاء من أجله ظاهرا، ففي المؤتمر الصحفي المشترك مع ترامب في البيت الأبيض: صرح قائلا: (يمكنني أن أقول إننا عقدنا محادثات صريحة جداً حول هذا (الاتفاق)، فقط نحن الاثنين… نأمل اعتباراً من الآن العمل على اتفاق جديد مع إيران) وتابع ماكرون مستبلها ايران والعالم: (لا يمكن تمزيق اتفاقية، من دون تحديد أي أفق لما بعد ذلك، سنعمل على اتفاق جديد أوسع)، مؤكداً في نفس السياق، استعداده لمعالجة (جميع المسائل في المنطقة)، بما في ذلك سوريا واليمن والأنشطة البالستية لطهران.
وغير خاف، أن الرئيس الفرنسي خضع لتأثير مزدوج، من جانب السعودية والامارات، اللتين كانتا الأكثر الحاحا، في طلب التشديد على ايران، حتى من الكيان الصهيوني نفسه، والذي اكتفى باستغلال احقادهما، ودفعهما من الخلف.
وقد كان الرئيس الفرنسي اقترح بقاء القوات الامريكية في سوريا، معتبرا اياها ضمانة لعدم التمدد الايراني هناك، بعدما ألمح ترامب بسحب قواته منها، في أسلوب مفضوح منه، لحلب بقرات الخليج السمان، ودرّ مزيد من الاموال الى بلاده، فكل شيء متعلق بالأمن والحماية وتنفيذ المخططات له أثمانه، ويجب على تلك الدول الثرية والغنية دفع ثمن وجود القوات العسكرية الأمريكية في سوريا، واعتبره عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي مطلبا منطقيا ومحقا، قائلا الثلاثاء الماضي: ( بناء على تصريح ترامب في المؤتمر الصحافي مع ماكرون، فإنه يجب على قطر أن تدفع ثمن وجود القوات العسكرية الأمريكية في سوريا، وأن تقوم بإرسال قواتها العسكرية إلى هناك)
اذا نحن مقدمون على حدثين مهمين قادمين، بفعل دفع الاستكبار الغربي اليهما، في خلط متعمّد لأوراق الملفات والاستحقاقات، التي تتطلب حلا عاجلا، يراعي مصالح شعوب المنطقة ودولها الراهنة والمستقبلية، حدث تتمنى بعض الدول عدم حصوله، لأنه سيكون علامة سيئة جدا، في مجال نقض العهود والعقود، وعار على من سيبادر الى الغائه، وهو عار لا يهمّ من تأسس كيانه على العار منذ أول قيامه.
وفي المقابل، سوف نرى موقفا ايرانيا منطقيا وحقانيا، يهدف الى الدفاع عن حقوق بلد اسلامي، بلغ مستوى الدول الكبرى في مجال التقنيات النووية والدفاع وغيرها، وغير مستعد لقبول مناورات امريكا والغرب الخبيثة، مهما كلفه ذلك من تضحيات، صلابة تبدو مهيأة للظهور بقوة، في وجه مؤامرة غربية جديدة، تسعى للنيل من ايران مجددا، مع أن الفشل سيكون مآل تلك المحاولة، مهما اجتمع لها أهل الباطل.
كما ان نغمة ارسال قوات عسكرية عربية الى سوريا، بدأت تأخذ شكلا تصاعديا، في ايعاز سياسي، رآه ترامب حلا لاستبدال قواته في سوريا بأخرى عربية، كمخطط بديل – في صورة ما اذا تلكأت دول الخليج عن دفع التكاليف المشطة لأمريكا- يتألف من دول الاستجداء العربي (مصر/ السودان)، بقيادة قطرية أو اماراتية أو سعودية، لاستكمال ما بقي من مؤامرة اخضاع سوريا أو تدميرها، وهي حضن المتبقي لمقاومة العدو الصهيوني، والجبهة الاخيرة من جبهات مواجهته.
صيف ساخن ينتظر جبهة المقاومة، تشتعل فيه حرب قد يستسهلها الغرب، وكيانه الصهيوني اللقيط، لكنها بنظر أهل الدين والايمان، بوابة خير ومفتاح مقاومة وصمود، سيعجل بفناء الصهيونية ومنظمة استكبارها، ليطلّ العالم على أمل جديد في الامن والعدل، الذين فقدهما منذ زمن، ويأمل في المستقبل نوالهما، وليس ذلك على الله بعزيز.
الوسومالاتفاق النووي محمد بن عمر منبر حر
شاهد أيضاً
العلماء الإيرانيون ينجحون في إنتاج “نواة السيزيوم 137 المشعة”
نجح العلماء النوويون والمتخصصون في الصناعة النووية الايرانية لأول مرة في إنتاج “نواة …