عندما يكون أقصى ما تستطيعه هو «تمني النجاح» فما جدوى وجودك؟
السؤال موجه للأمم المتحدة ودورها في ليبيا.. ففي كل جولة اقتتال تصمت بعثة الأمم المتحدة، ولا نسمع صوتها إلا مع توقف أصوات المدافع وتوقيع هدنة جديدة.. عندها فقط تخرج علينا ببيان طويل عريض يرحب ويتمنى النجاح لتلك الهدنة التي تندرج في عداد عشرات الهدن التي تشهدها ليبيا، وبمعدل هدنة أو اثنتين شهرياً.
«تمني النجاح» لا يكفي وحده لدوام الهدن ونجاحها، والأمم المتحدة أكثر من يعرف ذلك.. صحيح أن تعقيدات الساحة الليبية كبيرة ومتشعبة ولديها ارتباطاتها الإقليمية والدولية المعقدة والمتشعبة بدورها.. ولكن أن يتحجّم الدور الأممي في تمني النجاح فقط فهذا أمر يحط من قدر المنظمة الأممية ويضاعف الاستهانة بها وبدورها.
هذا حال الدور الأممي، الذي يمكن أن يتغير في لحظة إذا ما أرادت دول كبرى بعينها التدخل لحسم الموقف أو الصراع كما يُقال، لمصلحة هذا الطرف أو ذاك، ولكن هذه الدول لا تريد ذلك، لأن غياب ليبيا وانعدام دورها عربياً وإقليمياً، هدف مقصود مطلوب، والخشية أن يكون هذا الهدف على المدى الطويل.
.. وعليه فإن الهدنة الجديدة التي وقعت الإثنين الماضي برعاية قبلية «وليس أممية» بين ما يسمى «قوة حماية طرابلس» و«اللواء السابع – ترهونة» لن يكون مصيرها أفضل من سابقاتها، ولن يطول الوقت لتنهار وتبدأ جولة اقتتال جديدة.
على الشاكلة نفسها، يسير «صراع» باريس- روما على ماضيهما الاستعماري في ليبيا، وهو لن يحسم إلا بتدخل الدول آنفة الذكر خصوصاً الولايات المتحدة التي لا تحسم أمرها بين الاثنتين، ولا تعطي أياً منهما أفضلية الاستحواذ في ليبيا، وأكثر الأحيان تتعامل معهما بتجاهل فيخفت صوت ذلك الصراع، وأحياناً تنحاز لإحداهما فيعلو مجدداً، وبكثير من الألفاظ النابية و«الفضائح».. لذلك لا تكاد تنتهي جولات التلاسن والاتهامات المتبادلة بينهما.. وفي كل مرة كانت إحداهما تُمني النفس بدعم واشنطن، كانت تكتشف أن هذه الأخيرة تريد بقاء الصراعات في ليبيا -على اختلافها- على حالها.
الأمر نفسه يقال بالنسبة لدول أخرى- خصوصاً في الإقليم- والتي تتقدم بوساطات للحل أو تستضيف اجتماعات ومؤتمرات للتوفيق بين الأطراف الليبية، وكلها كان مصيرها الفشل.
إذاً.. ما العمل؟
لا عمل!
هذه هي الخلاصة.. حتى إشعار آخر، ولا نظن أن هذا «الإشعار الآخر» هو في المدى المنظور.