الأربعاء , 6 نوفمبر 2024

مقامة الرقصة الأخيرة… بقلم ابراهيم امين مؤمن

ملحوظة قبل القراءة …

إلى جلِّ منْ يملك أمره ، آثر السلامة دائماً ولا تُعرّض نفسك لاختيار مآله “أكون أو لا أكون”.

********** ********

وجدّتها فى كهف من كهوف الجبال وأنا أعبر الصحراء ، طفلةٌ شعثاء ، وثيابها العراء ، وملامح وجهها متوحشة ولكنّها تختفى خلف ثوب من بسمات حرباء ، لكنّى ظننته من وحشة البيداء ، وطول المقام وسط الوحوش والظلمات.

أو لعلها تجنّستْ ببيئة من حولها واختفتْ بشريتها خلف قصبان الفيافى المكفرة ، فأردتُ أنا… إطلاق الإنسان .

فبسطتُّ يدي أغيث .

فوجدتها خائفة أو كأنها تفكر فى شئ ما ، فاستنفرتها على بسط يدها ، وأركبتها مطيتى ومضينا .

أدخلتها قصرى .

أمضتْ أحلام طفولتها و ريعان شبابها تحت رعايتى وحاشيتى .

لا أنسى يوم قفزها على خدّى وأنا نائم مذْ كانت طفلة .

ولا أنسى ظهرى الذى حملها فكانت فارساً يلهو بفرسه مذ كانت طفلة .

ولا زمهريرالشتاء الذى فيه خلعتُ ثوبى وألبسته إيّاها ، وأوقدتُ النار لها لتستدفئ وكاد وجهى يحترق دونها ، وكانت ثورتى أشدّ اشتعالاً لرعايتها.

فكان خدّى بساطًا .

وراحة يدى لها عطاء .

وظهرى لها لهواً ووقاءً.

وخدمى وحاشيتى لها أرقّاء .

ومن قبل مطيتى لها من الصحراء سفينة نجاة وإمضاءً.

فشبتْ تحت رعايتى فقررتُ الزواج وإقامة العرس.

مضى العرس وذهبتُ معها للعرس الأكبر فى قصرى وهو عُرس الرقْص .

طقوس الرقص..

رقصتُ لها وفى يدى كأس السكْر.

وبينما أنا غارق بين الرقص والسكر تراءتْ أمامى مشاهدًا من عقارب الحفن والدعْب .

هو من السحْر ؟

لا أدرى ولكنى قلتُ أنه من هلوثة السكر.

آخذ بيدها تارة وأدعها تارة وأنا ألف وأدور بالكأس.

أتمايل يمينًا ويسارًا وأقفز ثم أهبط لا أبغى نشوتى ولكن نشوتها هىْ .

قبل أن أطلق روحى فى روحها ودمى بدمها على الفراش الوثير .

كمْ انا مشتاق لانفلات نفسى فى لذيذ من متعة الجسد والروح على الفراش الوثير .

تقاربنا راقصيْن ، فلما قبّلتها فى روح شفتيها شعرتُ بمسٍّ فى وريد قلبى فرقص جذلاناً.

مددتُ يدى إلى يدها فكانتْ كأنها غيثٌ من لجج البحار .

ممسك يدها وأدور، وكأس الطّلى فى يدى وظللتُ أدور ، وأنا أستقرأ ملامح الطفولة التى عشتها بين البساتين عندما كنتُ الهو مع أمى فأدور حول السواقى وأمى من خلفى ضاحكة تدور . لكنها ولّتْ أو ضاعت .

فلما تركتها ودرتُ حولها نشواناً ، تذكرتُ حمايتى لها من وحوش الصحراء وكنتُ جذلاناً .

كنت أراقصها وأطربها .

وأسقيها الكأس وأقبلها .

وأدنيها وأحبوها .

ثم أخذتُ التاج وناولتها .

ومالى كاتبتها .

وطيلسانى وطيْلستها .

وصولجانات الملك على كتفيها وضعتها .

وكنت قاب قوسين أو أدنى .

من انتهاء الطقوس العُلى .

المشهد الأخير ……

وانغرس فى ظهرى خنجر الغدر .

غدرتْ لأنها تريد فردًا الملكَ .

وسال دمى ، دم الغزال بعد المنح.

وامتلئتْ الدنيا دمًا .

سنة الكون فى الخلق سرتْ .

وتوحش الناس على أعتاب الملك ونسوا الحشر والبلى .

وقفزوا وغدروا وسرقوا ونهبوا وتكبروا ونسوا يوم اللقا ..

 

شاهد أيضاً

في بيتنا لص: لصوص لكن ظرفاء !!…بقلم محمد سعد عبد اللطيف

منذ اكثر من ثلاثة عقود ،وكعادة اخي منذ صباه لايترك صلاة فجر كل يوم في …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024