ما إن اعلنت إيران عن إطلاق قمر صناعي لأهداف دفاعية وتيقن البتاغون من نجاح العملية ودخول القمر نور في مداره حتى اطقلت الولايات المتحدة بشخص رئيسها تهديدات ضد إيران وشاع مناخ من التوتر الشديد في مياه الخليج مع بيانات إيرانية وأميركية تشير إلى خطر وقوع احتكاك عسكري مع تبادل الاتهامات بالاستفزاز البحري.
اولا يشكل النجاح الإيراني في إطلاق قمر صناعي والإعلان عن مهامه العسكرية صراحة إيذانا بتطور جديد في تقنيات الدفاع والاستعلام ومنظومات الاتصالات الإيرانية العسكرية وهذا ما يعني تعزيزا هاما لقدرات ردعية إيرانية خبرها الجانب الأميركي في نجاح التصدي الإيراني للطائرات المسيرة وصولا إلى السيطرة عليها وتعديل مساراتها أم في إسقاط إحداها مؤخرا وحيث استحق المدافعون الإيرانيون شكرا من الرئيس ترامب لأنهم تحاشوا اسقاط طائرة مأهولة وسددوا على اخرى مسيرة معترفا بتمكنهم من الهدفين معا لو أرادوا وبالتالي فالتصعيد الأميركي من حيث التوقيت ناتج عن ضيق وغضب إزاء نقلة مهمة ومؤثرة في قدرات الردع الإيرانية ضمن سياق السجال السياسي والعسكري بين الجانبين منذ انسحاب ترامب من معاهدة الاتفاق النووي.
ثانيا من المتعارف عليه اقتصاديا أن التوتر بين إيران والولايات المتحدة وخطر الاحتكاك العسكري في مياه الخليج والممرات والمضائق البحرية ينعكس مباشرة على حركة التجارة العالمية وهويرفع من مخاطرها ويؤثر مباشرة على أسعار النفط العالمية وهنا أحد محفزات التصعيد الأميركي بعد الانهيار الكبير في أسعار النفط وانعكاسها على شركات النفط الأميركية التي طفحت خزاناتها مع تراجع الطلب العالمي وفي ظل حالة الإقفال الاقتصادي التي فرضتها جائحة كورونا والرئيس الأميركي يستند بصورة رئيسية إلى شرائح من الرأسمالية الأميركية المالكة لشركات النفط وهو الراعي الرئيسي لشركات استخراج النفط الصخري داخل الولايات المتحدة وهذا احد العوامل التي تفسر إلحاحه على المغامرة باستعجال استئناف النشاط الاقتصادي رغم الخطر الوبائي المرتفع .
ثالثا اكدت ردود الفعل الإيرانية استعدادا شاملا لخوض مواجهة كبرى ضد الولايات المتحدة وتلاحقت المواقف والبيانات من وزير الدفاع وقائد الحرس الثوري وامين عام مجلس الأمن القومي ووزير الخارجية والرئيس روحاني لتؤكد جاهزية إيران بكامل قدراتها للتصدي لأي عدوان اميركي بالقوة المناسبة لردع الغطرسة الإمبراطورية السافرة.
رغم الأجواء المشحونة يبدو احتمال الانفجار العسكري الواسع بين إيران والولايات المتحدة ضعيفا بعض الشيء بسبب حسابات ميزان القوى التي يجريها جنرالات البنتاغون بدقة في كل مرة وفي ظل تنامي قدرات الردع الإيرانية وتنامي قوة حلفاء إيران في محور المقاومة الذين يسيطرون على مواقع متعددة في الرقعة الجغرافية الشرقية التي يمكن ان تتحول بأسرها إلى مسرح عمليات واشتباك يستهدف سائر نقاط التواجد الأميركي وهو الوعد الذي قطعه محور المقاومة وتعهد به مجتمعا وبالمفرد منذ اغتيال القائدين الكبيرين في بغداد.