د. نعمان المغربي (مختص في علوم الأديان المقارنة_تونس)
موضوع الكيان السُّوَري(الفيل والقُرَيش): كيف تكون الثورة برؤية «طيرية أبابيلية»؟ |
قلب الكيان السُّوَري: «الفيل والقُرَيش»:
-1﴿أَلَمْ تَرَ؟! ﴾= لابد من البصيرة الثورية العرفانية! -2﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـذَا الْبَيْتِ !﴾= فليطيعوا مربي البيت الْمُطَهَّر الطيري!
|
مفترض الكيان السُّوَري «الفيل والقُرَيش»:
يتناول الكيان السُّوَري: «الفيل والقُرَيش»، عوامل الفِيالة المكرسة للتخلف عن الاقتدار وعوامل التقرش (التوحد) عبر الطيرية الأبابيلية(=الثورة الإسلامية).
|
المقولات المركزية للكيان السُّوَري:
مقولة الرؤية: هي بصيرة القيام الطيري. مقولة الفيالة أو الفيلية: هي الركون إلى الاستكبار بوازع نفسي من الغابرية والاخلادية. مقولة الطيرية: هي السلوك العبودي باتجاه الارسالية على إمة لدنية ذات رؤية بطبعها. مقولة الأبابيلية: هي المسعى القيامي أو الإيلافي بقواعد جماعية أرنة. العصف المأكول: هي القدرة الثورية على تتبير البنيان التبعي_الوتدي(أو المركزي_الاستكباري). الإيلاف: هي الدولة الرحمانية_الرحيمية. هي الدولة الأبابيلية المؤلفة بين القلوب والحظوظ الاجتماعية. رحلة الشتاء والصيف: هي «الاقتصاد البيئي». هي المعاش المؤالف للبيئة، المراعي لسَبْتِهَا حتى يحفظ الناس أمنهم الغذائي والحيوي. البيت: هو«شريف القوم»(ابن منظور). هو الآل الذي يربيه ربه على الرؤية الطيرية الارسالية، فيربي الناس عليها. |
- سُورتا الفيل والقُريْش (عليه السلام): هل هُما كيان وَاحِدٌ؟
ظَهْرًا، يتنَاوَلُ مَوضُوع السورَتَيْن الظَّهري حِمًى وَاحِدًا هو الحِمَى المكيّ؛ وزَمنًا واحدًا هو زمنٌ يمتدُّ مِنْ سيّدنا قُريشٍ الذي «قرَّشَ» المكيين (أي جَمعهم بَعْد أن كانوا متفرّقين) إلى زَمَنِ سيدنا شَيْبَة وسيّدنا أبي محمد (عبد الله)، صلّى الله عليهم وآلِهِمْ وسَلَّم.
ولم يكُنْ سيّدنا الإمام عليٌّ (عليه السلام، وكرَّم الله وَجْهَهُ الكريم) بِدْعًا في جَعْل السُّورَتَيْن سورة واحدة (أو كيانًا مُسَوَّرًا واِحدًا)، فقد شَاركه في ذلك عديد تلامذة رسول الله (ص)، كأبَيّ بن كَعْب، الذي جعلهما في مُصْحَفِه سُورَة واحدة[1].
وها نَحْنُ نلاَحِظُ أن سورة سيدنا القُرَيش (قُصيّ عليه السلام) تَبْدَأُ بلامِ التَّعْليل: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾. فمِنَ الواضح أن الآية الأولى من سورة سيدنا القُرَيْش (عليه السلام) تَتِمَّة للآية السابقة، بسورة الفيل، بإمكانها أن تكون آيتها الأخيرة:﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ﴾ ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ﴾. فيكون هذا العصف مأكولاً مِنْ أجل الإيلاف القُرَشِيّ. وبإمكانها أن تكون تَتمة للآيتين الرئيستيْن اللتين عُقِبَتَا بآيات تَفْصيلية توضيحية: فيكون السؤال:﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴾ (2)، ويكون الجواب: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2)﴾. [ولذلك عليهم أن يعبدوا رب هذا البيت شكرًا]: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـذَا الْبَيْتِ ﴾(3).
- مَنْ هو القُرَيْشُ عليه السلام ظَهْرًا وبَطْنًا؟ وما إيلافه؟
أصبح بنو إسماعيل بن إبراهيم يُدْعَوْنَ «بنو النضر». وقَدْ احتلَّ حِمَاهُمْ المكّيّ خُزَاعة وبنو بَكر من قبيلة كِنانة، فكانوا مُتَفرِقين في ظاهر مكة ضْمِن الحِمَى الكناني، خائفين منهزمين. فلمَّا ظَهَر الصِّديق قُصَيّ بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة (عليهم جميعا سلام الله، فهؤلاء من الصدّيقين الكِبار)، استعان بالله تعالى ليجاهِد المحتلين المغتصبين لِحِمَى أجداده وبيت الله تعالى. وكان شبيها بطالوت عليه السلام، ذا طَوْل مثله؛ فكان مُصْطفىً عليهم:﴿وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ﴾ (البقرة، 248). وكانت آية مُلْكه أنْ آتاه الله بَيْتَهُ الحرام ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ (البقرة، 248)، أي ﴿آمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ (قريش،4). وكانت الآية الأخرى أنْ أتَتْهُم ﴿بَقِيَّةٌ﴾ مما ترك آل إسماعيل (عليه السلام؛ وقُصيّ من هؤلاء الآلِ، ﴿تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ (البقرة، 248) بقرب ظهور سيد الخلق (صلى الله عليه واله).
فما كان رسول الله ﴿بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ﴾ (الأحقاف، 9)، فكل ما حدث على الأنبياء وآلِهِمْ مِنْ قَبْلِه، حدث عليه وعلى آله الأقْدَمين، لكنْ كل ّ في خصوصياته. وقد انتصرت فئة سيدنا قُصي (ع) القليلة على الفئة الكثيرة الخزاعية- البَكْرِية ﴿بِإِذْنِ اللَّـه. وَاللَّـهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ (البقرة، 249). ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ﴾ بلاد مكَّة، ﴿وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى ﴾ المكيين. و﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ﴾ [علامات الله] ﴿نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ﴾ (البقرة، 252)، أي «تَتَالى» متماثلة مِنْ دَورَةِ رِسالية (= سَمَاء رسالية) إلى أخرى، لأن محمّدًا﴿ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ (البقرة، 252)، لَهُ مَا لَهُمْ.
وبذلك قدَّس المكيون (أو النَضرِيّون) قُصيًّا وآلَهُ (قبلاً وبَعْدًا)، وسمُّوهُ بما سَمَّاهُ به الله تعالى: «قُرَيْشًا»، أي المُقَرِّشُ الأصْغَرُ، أو مُقرِّش المكّيين، بمعنى «جَامِعهُم»[2] وموحدهم، ومُوطِّنهم في حِمَاهُم (الأصلي بعد أن كانوا مُستأصَلين منه، لاجئين خارجه، مستضعفين تمامًا كحال الشعب الفلسطيني بعد عام 1948م). فالمقرّش الأعظم هو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله، والمُقرِّش الأخير باسم جده هو المهدي عليه السلام الذي سيٌقرِّشُ كل المستضعفين ويوطّنهم أي ﴿يُمكّن لَهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ بعد أن كانوا لاجئين مظلومين :
أبوهم قصي كان يدعى مجمعا به جمع الله القبائل في فهر
هم نزلوها والمياه قليلة وليس بها إلا كهول بني عمرو
هم ملكوا البطحاء مجدا وسؤددا وهم طردوا عنها غواة بني بكر[3]
فالسلام على قُريش يوم وُلِد، ويوم قاتل المعتدين المغتصبين، ويوم قَرَّش بني النضر ويوم آمنهم من جوع وآمنهم من خوف، ويوم ماتْ مَرضيًّا عنه من الله تعالى، ويوم صلى عليه رسول الله، ويومَ يُبعثُ حيًّا!
لمْ يكتف قُصيّ/قريش عليه السلام، بتحرير الأرض، فذلك لا يكفي، بل قَرَّش أهلها الأصليين: بحسن تنظيم العمارة والتهيئة السكنية، وببناء نظام سياسي إيلافي (=كنفيدرالي)، جعل فيها الولاية جماعية(=«أبابيلية»)، تمثيلية في «دار الندوة» (= البرلمان)، حيث لا تفوق لبَطن على آخر، بل واحد منهم يمثلهم أفضلهم.
فكان ذلك الإيلاف يُدْعى «إيلاف قريش»، أي الإيلاف الذي ابتكره بعبقريته السياسية سيدنا قُصيّ (ع). وتغيّر إسم القبيلة بقداسته، فلم يعد «بنو النضر» بل أصبح «بنو قريش» أو«قريش» اختصارًا، لقداسته لدى قومه إذ كان مصداق قوله تعالى: ﴿آمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾. (قريش، 4).
3– كيف آمَن هاشم الثَّرِيدِ قومه من الجوع؟
أبرز مصداق ل﴿آمَنَهُم مِّنْ جوعٍ﴾. (قريش، 4) هو سيدنا هاشم بن عبد مناف (= عبد الرفيع، عبد الرفعة) بن قصي (عليهم السلام جميعا، فهم صِدّيقون، كما أثبت رسول الله صلّى الله عليه وآله). فكان أوّل مَن جمع الناس على رحلة الشتاء والصيف بعد أن عانوا من ضنك العيش والجوع. وذكر الكلبي أنه «أوّل منْ حمل السمراء»، أي السمن «من الشام ورحَّل إليها الإبل». «وقد كانوا يتقاسمون أرباح تجارة اليمن والشام، حتى كان غنيهم كفقيرهم»[4]، لأنه من أهل البيت الذين يؤمنون بالمساوَاة والعَدَالة و«التقاسم»، حتى سمى عَظِيمُهُم (ص) ابنه الأكبر: القاسم، أي العادل المقسط. قال رسول الله عن الأشاعرة: «إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية. فهم مني، وأنا منهم».
لقد أصبح تجار قريش أعظم تجار العرب وأغناهم، «وصارت مكة مركزا خطيرا من مراكز الثروة والمال في الجزيرة العربية»[5]. لقد أنقذ هاشم المكيين من مجاعة كبيرة، فكان يُهشم بنفسه الثريد، ليؤامن قومه من الجوع، حتى سمي «هاشم الثريد» بعد أن كان إسمه «عمرو». ولم يكتف بذلك بل وسع الإيلاف وجعل له مركزًا هو مكّة، ومَواقع دائرة به في العالَم، هي مَصَارفها في صنعاء (اليمن) و أكسوم (الحبشة)، والإسكندرية، وغزة، وبصرى، ودمشق، والمَدائن (إيران الساسانية) والحِيرة (العراق الساسانية)، وحتى بعض مدن الهند بحرا…
وقد استثمر ذلك لربط آل البيت بكل العالم المعروف آنئذ، بالزواج والمصاهرة والأحلاف، حتى يكون لمحمد (ص) ذِكر مُسْبق بينهم، فلا يُنكرونه عندما يَظهر. وذلك من أسباب حج الكثير من النصارى واليهود والمجوس في العالم إلى مكة. ولذلك نجده يتوفّى في غزة بفلسطين (إحدى أقاليم سوريا، أو بلاد الشام). وقد دُعِيت: «غزة هاشم»، نِسْبةً إليه.
- 4. كيف آمَن عبد المطلب (شَيْبَةَ عليه السلام) المكيين من الجوع والخوف بإذن الله تعالى؟
لُقّب بـ«الفيَّاض» لجوده و«ساقي الحجيج» و«سيد البطحاء» و«عائل أهل الموسم». تأثر عبد المطلب بشعر أخواله، فكان شعره غنائيا، سهلا ممتنعًا، قويًّا، وجُمع في ديوان.
أمه من بني النجار اليثربيين (سَلمى بنت عمرو النجادية الخزرجية). وقد ولدتْه في يثرب. وهذه الصلات اليثربية هامة في التمهيد للمُقَرّش الأعظم صلى الله عليه وآله. كان فضائله على المكيين: إعادة اكتشاف بئر زمزم مستخرجا منها «غزالين من ذهب عليهما الدر والجواهر وحلي»، وأسيافا ضرب بها بابا للكعبة، وجاعلا من الغزالين صفائح للباب.
ربط شَيْبة(ع) مكة بالخارج. فكان من المثبتين للمصارف التجارية المكية وأهدافها الدعوية مع ابنه سيدنا عبد الله، أبي محمد(ص)،وسيدنا عمران(أبو طالب). وارتبط مع اليمانيين بأحلاف، ومن ذلك زيارته إلى سيف بن ذي يزن[6] لتهنئته على انتصاره على المحتل الحبشي. وتيمنا بهم سمى ابنه بِاسْمٍ يماني لعله يكون مثلهم «نصيرا» للحق( وهو معنى «مذحج» باللغات اليمانية).
وكان حلفه مع خزاعة أُلفة لها، فتحالفت مع الرسول، وكان ذلك مقدمة لفتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجا.
رثته ابنته أم حكيم (البيضاء) توأم عبد الله، مذكرة بليثيته أمام الداهية الأبرهية:
أَلَا يَا عَيْنُ جُودِي وَاسْتَهِلِّي … وَبَكِّي ذَا النَّدَى وَالْمَكْرُمَاتِ
أَلَا يَا عَيْنُ وَيْحَكَ أَسْعِفِينِي … بِدَمْعٍ مِنْ دُمُوعٍ هَاطِلَاتٍ
وَبَكِّي خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا … أَبَاكِ الْخَيْرُ تَيَّارَ الْفُرَاتِ
طَوِيلَ الْبَاعِ شَيْبَةَ ذَا الْمَعَالِي … كَرِيمَ الْخِيمِ مَحْمُودَ الْهِبَاتِ
وَصُولًا لِلْقَرَابَةِ هِبْرَزِيّا … وَغَيْثًا فِي السِّنِينَ الْمُمْحِلَاتِ
وَلَيْثًا حَيْنَ تَشْتَجِرُ الْعَوَالِي … تَرُوقُ لَهُ عُيُونُ النَّاظِرَاتِ
عَقِيلَ بَنِي كِنَانَةَ وَالْمُرَجَّى … إذَا مَا الدَّهْرُ أَقْبَلَ بِالْهَنَاتِ
وَمَفْزَعَهَا إذَا مَا هَاجَ هَيْجٌ … بِدَاهِيَةٍ وَخَصْمَ الْمُعْضِلَاتِ
فَبَكِّيهِ وَلَا تسمي بِحُزْنٍ … وَبَكِّي، مَا بَقِيَتْ، الْبَاكِيَاتُ
- 5. هل مات الصدّيق عبد الله بن عبد المطّلب (ع) شهيدًا؟
لا يمكننا أن نقبل قِصّة «الأقداح». فهل يُعْقَل أن صدّيقًا لا يرضى بالواقع («لو اطلعتُم على الغيب لاخترتم الواقع!» كما قال الرسول الأعظم(ص)) ويطلب من الله 10 أبناء بالتمام والكمال؟ وهل يُعْقل أن ينذر إن كانوا في تلك العِدة أن يَذبح أحدهم؟! أليس الله تعالى يُحرّمُ الوَأد؟ ألم يلتزم آل بيت النبي السابقون على أهل الكساء بعدم وَأد بَناتهم طيلة عَهْد ما قبل النبوّة المحمدية فكيف يئدون ذكورهم؟! وما ذنب هذا المقتول، ألاَ يُحاسبُ الله تعالى قاتلَهُ؟! كان إبراهيم بن تارح عليه السلام ينفّذ عَزيمةَ إلاهه سبحانه وتعالى، بينما كان عبد مُطّلِب الروايةِ «الشّانئة» لأهل البيت يتصرَّف بهواهُ وتقديره. فلا تقدير لِلصِّدِّيق إلا تقدير ربّه وعقله (الذي ركّبَهُ فيه الله تعالى)! وهل الصّدّيق يختار لإلاهه في نذره إلا الأفْضل ممَّا يَمْلِكُ، فكيف يَضِنُّ عَبْدُ مُطّلِب الرواية «الشّانئة» له- على ربّه بعبد الله، فيتحايل عليه، كما اقترحتْ عليه «ابنته»، بذبح عشرات الإبل! هل رجل هذه الرواية «صِدّيق» أمْ محتال؟!!
إن عبد المطّلب – كما هو ثابت حتى في شعره- من «الأحناف»/الإبراهيميين، فكيف يقبل القِداح «الوثنية»؟!! وكيف يراجع «الصدّيق» في هذا الأمر الكاهن والكاهنة؟!! إنّ الرّوّاة الأوائل لهذه الفرية زبيريون، ونحن نعلم مدى حقد عبد الله بن الزبير على أهل البيت. وقد قبلها ابن كثير وهو ذو هَوَى تيموي_أموي كاره لأهل البيت[7]. والأدهى والأمرّ أن سيدَهُم معاوية بن أبي سفيان روَى أن الرسول (ص) قال: «أنا ابن الذبيحَيْن!»، ملمّحا إلى أنه ابن إسماعيل وابن عبد الله. وقد علّق الألباني في السلسلة الضعيفة على هذا الحديث الأموي: «لا أصل له بهذا اللفظ. والغالب على كلام أهل العلم تضعيفهم لهذا الحديث». وما قيمة أن تكون لهذا الصِدّيق 10ذكور أو أقل مادام في شعره شديد الاستسلام للتقدير الإلهي؟!! والشعر العربي أصدق أنباءا من تدليسات الأمويين.
لم يُظْلَم مِنْ آل محمد الأسبقين، في نظري، مثلما ظُلم وَالدهُ الذي أقسمتْ به سورة البلد، تهميشًا لذكرٍ وتشويها!! ذلك لأن التاريخ يكتبه «المنتصرون» ظاهرًا. وكذلك التاريخ الإسلامي إذ لوّنَه بنو أمَيّة وبنو العبّاس، أعداء آل البيت الخصوصيين.
يروي ابن سعد في الطبقات (ج1، ص78) والمجلسي في بحار الأنوار، محاولاتِ يهودية وغير يهودية لاغتيال عبد الله (ع). وقد مَرض (ع) بيثرب، لما كان قادمًا من رحلة تجارية إلى الشام، فذهب إلى أخواله، بني النجار، ليمرّضوه، ولكنه تُوفي هنالك بدار النابغة غير بعيد عن مسجد رسول الله (ص) في ما بَعْد بل اصبح ضمنه في القرن العشرين. وكان المولود العظيم (ص) دائم الزيارة لأبيه خاصة عندما اصبح مهاجرا في يثرب. وكان من عطف الله عليه أن قَضّى أعزّ أيام عمره بيثرب، حيث مَمات والده (ع). ولكنْ من سوء الحظ أن الروح الأموية-العباسية حظرت الدخول إلى قبر أبي محمد (فقْها وسياسةً). ثم أخَذ بنو سَعُود رفاته إلى البقيع سرّا، ولم يعلنوا عن مكانه!! وهل نحن إنسانيون إذا قدّسْنا محمّدا، ولم نقدس والده ووالدته؟!! يا للعَار!! وهل يعقل أن نزور المولود(ص)، وننسى الوالد الذي أهدانا إياه، وهو على بعد أمتار من مقامه فلا نزوره؟!!
وسواءًا قُتل أبو محمد (صلّى الله عليهما وسَلم) غِيلةً، أو توفي من إرهاق السفر الذي لم يكن تجاريّا بحتا، بل كان تعارُفيّا_دعويا أيضا، فهو شهيد. فالتقية الشديدة التي كان حريصا عليها خوفًا على حياة اعظم العظماء الذي في صُلبه، تخلّى عنها- شيئا ما- في حواراته مع نصارى الشام ويهودها وربما مع يهود يثرب، تبشيرًا بمخلّص العالَم صلّى الله عليه وآله الذي قرب أوان ميلاده…
6_ إنهم بيت آمنوا الناس من الجوع والخوف:
اذا أردنا أن نعرف معنى لفظة ﴿الْبَيْتِ ﴾، لكثرة معانيها، ينبغي أن يكون المشار اليه من ﴿هذا ﴾ (﴿هَـذَا الْبَيْتِ ﴾) موجودا في السورة نفسها باعتبار أنها كيان مسوَّر يفسر نفسه بنفسه. وإنني أفترض أن يكون هذا البيت هو ﴿ قريش ﴾.
ففي العربية، «فلان بيت قومه أي شريفهم»[8]. فيكون المعنى الأولي ل﴿رَبَّ هَـذَا الْبَيْتِ ﴾ هو رب سيدنا قريش(ع)، أي يكون معنى ﴿الْبَيْتِ ﴾ هو سيدنا القريش(ع)، الذي آمن المكيين من الجوع والخوف.
و«البيت» هو الأسرة الشريفة وجمعها «البيوتات». فيكون معنى ﴿الْبَيْتِ ﴾ هو: البيت القرشي المقدس المؤمن ب«الرب» الأوحد ، «رب» العالمين الذي رباهم على التوحيد الكوني والتوحيد الاجتماعي (التقريش والإيلاف).وهو البيت الهاشمي حتى أخر اعلامه: عمران(أبو طالب) بن عبد المطلب(عليهما السلام).
هذا﴿الْبَيْتِ ﴾ تحول بالنبوة المحمدية إلى:﴿اهل الْبَيْتِ ﴾[9]، أي البيت المركزي ضمن البيت الإبراهيمي_الإسماعيلي الواسع.
إن الله لا يؤامننا من الجوع ومن الخوف إلا بالسببية. وكانت سببيته العظمى هي «النعمات اللَّدُنِّيَّة»، ومنها قريش(ع) وبيته، وأهم من في بيته: سيدنا محمد(ص). وقد أفرز البيت القرشي أهل البيت عليهم السلام بعد انقضاء طوره التاريخي.
إنه لمن العقلاني أن يعرف المكيون قيمة إيمان البيت القرشي برب واحد وبشريعته:﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـذَا الْبَيْتِ ﴾.
وقد فخر سيدنا ابو طالب بمؤامنة البيت القرشي لبني النضر بمنقبة المؤامنة من الجوع والإطعام، فقال:
نشأنا فكنـا قليـلاً بـهـا | نجيـر وكنّـا بهـا نـطعم |
إذا عضّ أزمُ السنين الأنام | وجَبَّ القتـارَ بهـا المعـدم |
نماني شيبة ساقي الحجيج | ومجــدٌ منـيف الــذرى مُعلَمُ[10] |
7 _المكّيون في صراع بين الفِيليّة والطَّيْريْة:
يقوم الجزء الأوّل من الكيان السّوَري: الفيل- قريش على التناقض الحيوي بين «الفِيليّة» و«الطَّيْريَّة».
«الفيل» هو رمز القوّة دون عقل وهو رمز للبُطْء والخروج من التاريخ. فهو جملة الحظوظ الفردية والاجتماعية العجزية، الترهلية، الرجعية، التي تكرس «الإخلادية» إلى الأرض، فيصبح الإنسان: ﴿عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ (الشعراء، 171).
والإنسان الذي يكون «فيل الرأي»، هو ضعيف العقل وخاطئ الرأي[11]. و﴿أَصْحَابِ الْفِيلِ﴾ هم الكتلة التاريخية الفِيليّة ، إذ أن الصحبة الفِيليّة هي تبّني المِلّة الغابرية_الإخلادية مانعة تقدم الفرد والجماعة نحو الله تعالى بما يمثله من خير مطلق: ﴿لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ﴾ (المدثر،37).
«الفيلُ» هو ترميزٌ قرآني عن «الغابرية»[12]، أي «العُجوزية»/ العَجْزُ «الحضاري». فـ«والفيل» هو العوامل التي تصنع كيانا ﴿فِي الْغَابِرِينَ﴾ (الصافات، 135). و«الغابرُ من الليل» أو الماضي ما بقي منه[13]. وتؤدي «الغابريّة» إلى «الغَبَرة»، وهي «الكَدَر»[14] النّفسي: ﴿وَوُجُوهٌ [كيانات نَفسيّة] يومئذ [يوم الإِسْفار] عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ [اكتئاب]﴾ (سورة عَبسَ). ذلك هو المضمون النفسي للفِيالَة: ماضويّة، ورِجعيّة، وعَجُوزيَّةً عن تدبير الحاضر والمستقبل والتحديث، وتدميرًا للعَرْشيّة الطبيعية[15] والتوازن الاجتماعي.
كانت قبيلة النَّضر (أو قبيلة قريش، كما سُمّيتْ لاحقا)، متكبّرة، بقوّتها المالية والمَعاشية والدينية والماضوية، غير معترفة- كما يجب الاعتراف- بفضْل أولياء الله تعالى عليها مِنْ إسماعيل حتى شيْبة وعبد الله (عليهم السلام)، وخاصة بإقرار ما نادوا به من توحيد للاَّهوت ورفض لأوهام الشرك ولاستعباد رقاب الآخرين. لقد أصبحت «فيلاً» ضخمًا بماضيها، وبمَجدها الذي هو مجد أولياء الله تعالى في الحقيقة، ومخلدة لإيلافها، الذي حرف ﴿إِيلَافِ قُرَيْشٍ [عليه السلام]﴾، غير ناظرة لما بشروا به من قُرْب ظُهُور سائق «تقْريش» العالَم بَعْد تمَزُّقه، وهو الروح المحمَّدية[16].
تلك «الفِيالة» هي التي جَعَلتْ المحتلّ الحبشي لجنوب الجزيرة العربية يطمع في احتلال مكّة. فلم يجد شيْبة وعبد الله (عليهما السلام) استجابةً لندائهما الجهادي: ﴿فَأَعينوني بِقُوَّةٍ أَجعَل بَينَكُم وَبَينَهُم [المحتلين] رَدمًا﴾(الكهف، 95). ففِيالة قبيلة النّضر هي التي جعلت والي الحبشة على اليمن يحرّك «فِيليّتهُ» التي حَنّطتْ المسيحية السَّمْحاء و(هي إعادة ترجمة للإبراهيمية) وشوهَتْها لتُصبح «سامِريَّةً» بعد أن أخذت ﴿مِن أَثَرِ الرَّسولِ [المسيح]﴾ (طه، 96) أخذًا تحريفيّا- سِحْريًّا[17].
طلب سيدنا شيْبة (الإمام الظاهر) وسيدنا عبد الله (الإمام الصامت رغم أنه أعظم من الأوّل) من قبيلة النضر أن تكون على «الطّيْريّة»، وهي النقيض الأنطولوجي لـ«الفِيلية». وهي نزعة المقاومة والحرص على السيادة الوطنية والتحرّر، والحركة، والتاريخانية، ومضادَّة الهيمنة. وهي لا تكون دون تمثّل «للمشيئة» الإنسانية (التي لا تكون دون معايشة المشيئة الحقّة، أي «المشيئة» الإلهية)[18]: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ۚ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَٰنُ ۚ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾ (الملك ،19) . إنّهم أرواح مجتهدة صارت بفيض إلهي «طير المعارف والحقائق والإشراقات النورية والمعاني القدسية»، «في سماء الروح»، صافات «أنفسهن مترتبة متناسقة فيها»، ويقبضن «عن النزول إلى القلب»، ما يمسكهن إلا ربهن «المسوي للإستعداد، المهيئ لقبولها، المودع إياها فيها، المرتب لها بسعة رحمته الواسعة الشاملة لكل ما خلق وقدر، المعطية كل شيء خلقه. وما يرسلهن إلا الرحيم المفيض لكل ما قدر من الكمال بحسب الاستعداد المظهر لكل ما دبر في الغيب من المعاني والصفات»[19]. فهو بصير بها لأنها طلبت منه الرؤية «الإرسالية»»[20](= التحريرية)، فيعطي ما يليق بهؤلاء الطير الأبابيل، ويسويهم بحسب مشيئته ويودع فيهم «ما يريده بمقتضى حكمته»، ثم يهديهم إليه أكثر وأكثر بتوفيقه[21] فيكون لهم الْمُلْك الإيلافي.
إنّ «الطَّيْرية» مَراتب وجودية، وأرقاها حيث تكون الأرواح الطَّيْرية ﴿طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴾ (الفيل، 3)، أي ذات نجاعة اجتماعية ومَعاشية وتواصلية- شعبية وتقانية وعلمية وانتحالية (في الفنون الجميلة والآداب والإبداعات..). فكيف يكون السَّالك طَيْريًّا، وهو ليس من «المبادِرين البارزين»، الذين يصِلُون إلى الحق بواسطة عطائهم الناجع للخلق، فيرفعون عنهم شيئا من معاناتهم، ويتقدمون بهم أكثر نحو ملء الأرض عدلاً وقسطًا؟!
بَعْد إخفاق سيدنا عبد المطلب، وسيدنا عبد الله (عليهما السلام) في «إرسَالِ» (= تحرير) نفوس المكّيين فلم يتشجعوا مثله لمقاومة المحتل، دعا الله تعالى شعرًا، فقال:
اللهُمَ إنّ العَبْدَ يمنعُ رَحْلَهُ فامْنَع رِحَالَكْ
لا يَغْلِبنَ صَلِيبَهُمْ ومِحَالَهُمْ غِدْوًا مِحَالك
وأنْصُرْ عَلَى آلِ الصَلِيبِ وعَابِدِيهِ اليَومَ آلَكْ
إنْ كُنتَ تَارِكَهُمْ وقِبْلَتَنَا فامْرٌ مَا بَدَا لَكْ[22]
ومن الواضح أن كلمة «آلَكْ» في البيت الرابع تعني «البيت» الهاشمي المقدس. ذلك «البيت» النضري الوحيد الذي وقف أمام الفيلية الحبشية حتى يؤيده الله تعالى ب«نصره»، وبظهور مُقَرّش العالم ومخلصه سيدنا محمد(ص) الذي قارب زمن ظهوره.
وقد ذهب عبد المطلب (ع) مع جملة من أبنائه، إلى والي اليمن، المعتدي، فوعظه، فلم يتعظ، فدعاه لكي يُرجع إليه إبله (وهي إبل كل المكيين) التي اغتصبها بعض جنوده، فاستهان بطلبه. فأجابهُ بما يحمل من إيمان وتحدّ : «أنا ربُّ الإبل. وللبيت ربّ يحميه!». وقد كانت الكعبة التي يدافع عنها عبد المطلب ﴿مَثَابَةً لِّلنَّاسِ﴾، أي لكل العالمين، اذ هي مُزارة من المجوس والبراهمة والنصارى واليهود، «وكان بها صور العذراء والمسيح»[23].
– كيف يُقَرِّش النبي (ص) العالمين ويؤامنهم من الجوع والخوف؟8
لقد تناولنا مقولة «التقريش» في تدبرنا في سورتي الأنفال والأعراف حين بلورنا مفهوم الإيلاف المبني على مقولة «الألفة». وتناولنا الثورة النبوية الدائمة على الفيلية في تدبرنا في سورة الكهف.
فالرسول «الأمي» (أي «الأممي» في العربية الضعيفة) هو من أسمائه «الجامع» لأنه هو «آدم» الأول: ﴿أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾، وهو ﴿ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، لكل الأمم: ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا مَّآ أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُۥ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(الأنفال الآية 63).
لقد تجسد ذلك في دولة الصحيفة التي لم تُقَرّش بين اليثربيين فحسب، وبينهم وبين المهاجرين «ومن تبعهم فلحق بهم» من أحمية الجزيرة العربية فحسب، بل كان تقريشها ﴿كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾. وقد جاء في أحد بنود الصحيفة المؤامَنة الناجزة للناس من الجوع والخوف: «وأن المؤمنين لا يتركون مفرحا». (أي فقيرا واحدا). وقد تبنت دولة القرامطة العظيمة التي دامت حوالي أربعة قرون، في مرحلة نجاحها، المشروع الايلافي المحمدي فسمت نفسها: «دولة الألفة».
وسيكون تقريش النبي للعالمين ظاهرا على يد خليفته، ابنه: محمد بن الحسن العسكري، الذي يجمع الأرض عدلا وقسطا، بعد أن مزقت ظلما وجورا، فلا فقر ولا ظلم ولا تمايز (الا بالتقوى) في عصره الطويل جدا، بواسطة «الأبابيل» (=الجماعات) الطيرية الناصرة له.
وبذلك يكون تجسد ﴿فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا﴾، و﴿لِيُظْهِرَهُ [= ليظهر رسُولَه محمدا ومشروعه العدلي] عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾، إذ تتقرش كل الأديان العالمية(=«الأمية») في دين كلي واحد، هو: دين الإسلام، الممتد من آدم النَّسَبِي (ص) حتى محمد، روح العالمين(ص).
- 7. ﴿أَلَمْ تَرَ ﴾: ضرورة الرؤية التاريخية_الراهنية:
﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾ معناها: لا تغيير دون رؤية تاريخية وبصيرة سالِكة واجتماعية- عالَمية. وهذه الـ﴿ تَرَ﴾ مشروطة بمعرفة خصائص الكيْد الغابريّ/الفِيلي ومعرفة الدقة الأبابيلية التي تُحسن الرمي التاريخي القادر على التغيير الجذري حتى يكون الفعل «الطير» (= التحرّري) فعلاً إلاهيًّا «إرساليّا» (= تحريريّا): ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ [إذْ] وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴾، أي:﴿قَٰتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ ﴾، (سورة التوبة،14).
فلم يكن دعاء عبد المطلب (ع)، وهو مرابط بجبال مكة إلا جزءًا من ذلك الرمي الأبابيلي، إذ أن للدعاء «وجودا يأتي بعد الواجب»، وهو«ان نريد ما تفتقر اليه حياتنا هذه وما بعدها. وهو حربة في النضال الفكري والاجتماعي»[24].
مرَّة أخرى، يُدافع الله تعالى عن المكّيين- رغم عُتُوِّهم الأكثريّ-بأهل البيت القُصَويّ (الذي ينحدر من القُصَيّ/ القُرَيْش الأوَّل)، هؤلاء الذين كانوا دائمًا ﴿ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴾ يَرمُون الجوع والخوف المكيّيْن.. ومرّة أخرى مع الطَّيْر الأبابيلي، الأعظم مقاومةً بين كلّ الطَّيْر الإلهي، سيدنا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله).. ولذلك، أطلق هذا الكيان السُّوري الإنذار «الأخير» للمكيّين: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـذَا الْبَيْتِ﴾، حتى لا يواصلوا في عبادة أهوائهم وآلهتهم الوهمية، لأنّ هذا البيت الهاشمي اختاره الله لهم ليكون دائما الذي ﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾. فالطير الأبابيل جوهرا هم هذا البيت المقاوم للجوع والخوف، ومن كانوا مقتدين بهم.
فنجده يُرسلُ لَهُم (لا عليهم) بَيْتًا هاشميّا ﴿ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ ﴾ ومن عطش: مع هاشِم الثريد، ومع شيْبة في الحجيج ومعيد اكتشاف زمزم، و﴿آمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾: مع قصيّ (= قريش عليه السلام) ومع عبد المطّلب وأبنائه، ومع محمد (صلى الله عليه وآله): في حرب الْفِجَار لمقَاوَمة المعتدين، وفي حِلف الفضول مُعيدًا لبناء الإيلاف القُرَشي الذي تدَنّستْ أخلاقُهُ بكثير من شبانه المعتدين على الحجّاج والحاجّات، أي على الزوّار العرب.. وكمال إطعام الرسول للعالمين هو هدايته لهم وملؤه البشرية عدلا على يد وكيله المهدي(ع) «يحثو المال حثوا، لا يعده عدا».
لقد قصد السَّامِرِيُّ « تَخْرِيبَ كعبة القلب، الذي هو بيت الله بالحقيقة، والاستيلاء عليها، وأراد أن يصرف حُجّاج القوى الروحانية إلى قلس الطبيعة الجسمانية التي بناها، وأراد تعظيمها»[25]، فخرق سفينته الوهمية «قرشيّ العاقلة العملية»[26] الذي أرسله الصّدّيق عبد المطّلب (ع)، «بإلقاء فضلة الغداء العقلي فيها، من صُوَر التأديب المخصوص»[27]. فعبّأ السَّامِرِيُّ جيوشه «من جنس القوى النفسانية وصفاتها الظلمانية بالطبع، كالغضب والشهوة»[28] ونزعة الهيمنة على بقية الشعوب واستضعافها، متخذًا فيليّتَهُ، و«إن الشيطان ليضع خرطومه على قلب ابن آدم، فإذا ذُكِر الله خَنَس»[29] كما قال رسول الله (ص).
فكان أن أرسل الله تعالى على جيش السامريّ، المشوّه للرواية المسيحية عن الإبراهيمية المحمدية ﴿طَيْرًا ﴾ هي «طيور الأفكار والأذكار، بيضاء، منوّرة بنور الروح»[30]، أي كل روحٍ شَيْبيّةٍ/عَبْدَلِيّةٍ في كل مكان وزمان.
9 – العصف المأكول: تتبير البنيان الاستعلائي:
«العصف» بالفيالة حتى تصبح مأكولة هو القدرة الثورية على تتبير البنيان التبعي_الوتدي(أو المركزي_الاستكباري)[31] حتى يَمَّحي تماما ونهائيا، وتندمج أنقاضه داخل الإيلاف: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾ (سورة القصص، الآية6). فالثورة لا تكون كذلك إلا إذا عصفت بالفيالة، وجعلتها مأكولة، ليقوم على أنقاضها إيلاف قطري أو عالمي: ﴿ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَٰرَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَـُٔوهَا ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرًا ﴾ (الأحزاب، الآية27). فلا يمكن ان نرى اقامة لدولة المستضعفين اذا لم يكن هناك اجتثاث لمصادر العلو ولقواعد البنيان الطاغوتي: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ (…) وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾ (سورة الإسراء، الآية 7).
لقد سقطت الفيلية الحَبشية إذْ أصبحت ﴿كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ﴾، أي «كورق الزرع الذي عاث به الفساد وأكلته الديدان»[32]. فما زرعتهُ الغابريّة العجوزية الحبشية (ككل غابرية) مصيرها الفساد على أيدي مَا يُرْسِلهُ الله (=ما يحرّره الله) من رجال ونساء جاعلا إياهم ﴿طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴾. وذلك مما خوَّل للمسيحية الحبشية الطّيرية أن تنمُو بارسالية على الضفة الأخرى من بَحر القلزم (= البحر الأحمر) مع النجاشي أصحمة الثاني، رضوان الله عليه.
وتلك «الطير»، لها نزعة جماعية، لا فردانية، فهي ﴿ أَبَابِيلَ﴾، أي«جماعات كصُوَر القياسات، وكثرة الأذكار»[33]. وقدرتها على الرمي الثوري ﴿ بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيل ﴾، هو نتيجة «رياضة ممّا سُجِّل وخُصَّ بكل واحد منهم، كُتب على كل واحد منها اسمُ المَرْمِيّ بها بقلم الشرع والعقل، وعَيَّنَ أن هذه الرياضة مُزْجَرة للقوة الفلانية، مُهْلِكة لها، كالانقهار والتسخّر للغضب، والصوم للشهوة، والضَّعة للتكبر، والذلّ للتجبّر»[34]. وذلك حال كل سالك مجاهِدٍ شَيْبيّ_عَبْدَلِيّ.
فلا يكون السالكون طَيْريّين، إذا لم يكونوا ﴿طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِم [ترمي المحتلين، المستكبرين، المغتصبين] بِحِجَارَةٍ [قوة] مِّن سِجِّيلٍ ﴾، أي بقوّة إبداع الدقة وابتكار النجاعة واعتماد ماهو «مسَجَّل»، أي ماهو معتمد من أساليب التنظيم والثورة والمقاومة والإصلاح وتطوير المناهج في كل حقل؟!! هنالك لن يكون ﴿الطَّيْرِ﴾ رُماةً، بل سيكون الله تعالى آنئذ هو الرامي، لأنهم أعطوْه وأعطوْا خلقه كل شيء يملكونه من عقل وجَسَد وجُهْد: ﴿وَما رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلـكِنَّ اللَّـهَ رَمى ﴾ (الأنفال،18)، إذ أن محمدا ابن عام الطير الأبابيل[35]، هو أرْحَمُ طير وأقوى طير وأعظم طير في السيرورة اللّدنية الآدمية. والطير الأبابيل لا تعجز أمام الحصار المعاشي والعقوبات الاستكبارية: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْر[المؤمنون الارساليون]، تَغْدُو خِمَاصاً وَتَرُوْحُ بِطَاناً».
لا يمكننا أن نكون ﴿ طَيْرًا ﴾ إلا إذا كنَّا ﴿ أَبَابِيلَ ﴾، أي ذَوِي روح جماعية-تعاوُنية، وفي الآن نفسه ذَوي حَرَكِيَّة إبداعية تتأثر بالواقع وتؤثر فيه ضمن رؤية استشرافية. فلا طَيْرية (=إرسالية- حركة تحرّر) دون ﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾ أي دون بصيرة سَوْقية مُسْتقِية مِن قُدْوات ﴿ الطَيْر ﴾ الإنساني، وعلى رأسهم: سيدنــــــا محمـــــد (ص)، وتلميــــذه الذي أكل مِنْ كُنْه طيريّته فــي حديـــث الطَّيْر. فالنبيّ محمــد (ص) ككــل إِبْ-راهيمٍ في كل دورة رِسالية، يأخذ من السالكين المريدين ﴿كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ (آل عمران،49)، فيصُّرهُنَّ إليه، أي يرّبي تلك النفوس حتى تصبح حيّة بعد ممات، أخلاقي ووجودي «ربّي، بدون مُرَبٍّ». ثم يجعل كل واحد من تلك النفوس السالِكة ﴿عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ﴾ (البقرة، 260)، و﴿َالجَبَلٍ﴾ هو الصّدّيق أو العارف الذي يساعد الإبْ-راهيم على تربية البشرية.
ثم يقول الله تعالى للمربيّ /الإبْ-الرْاهيم: ﴿ثُمَّ ادْعُهُنَّ﴾، أي ادخُلْ بِهِنَّ المقَامَ الثاني من التربية، ﴿أْتِينَكَ سَعْيًا﴾ (البقرة،260، فتدخل مَسْعى «الإرسال»، أي مَسْعى التحرّر والتحرير، أي عمل «المبادرين البارزين» سياسةً ومَعَاشًا، كما جاء في دعاء كميل؛ بالقوّة السِّجِّيلية والأبابيلية- الجماعية- الماعونية.
وكذلك كان سيدنا العِيسَى، عليه السلام، إذ وجَد الثوّار السوريين الزيلوتيين ﴿كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ (آل عمران، 49)، أي كانوا ثوريين لكن دون قدرة ثورية، أي في حالة «قوة» (= إمكان) لا في حالة «فعل». فأعادَ خلقهم: ﴿ إنِي أَخْلِقُ لَكُم كَهَيْئةِ الطَيْرِ فأَنْفُخِ فِيه﴾ أي بِصَرِّهِ الرسوليّ إليه (تمامًا كإبراهيم بن تارح، وخاصة كمحمد بن عبد الله) ﴿فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ ﴾ (آل عمران،49)، أي يصبح «إرْساليا» فعلاً، ذا بصيرة: ﴿ أَلَمْ تَرَ ؟!﴾، «أبابيليّا»، تعاونيّا، ذا دِقة تِقانية في فنّ التحرير والثورة والتغيير [جعل الإمبريالية والصهيونية ﴿كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾ لا قيامة لهما بَعْد ذلك.
فالثورة لا تكون إلا إذا كانت هناك رؤية لكيفية إنجاز العصف المأكول، أي تتبير «العلو» تتبيرا بإعداد الحجارة من سجيل، أي القوة التعبوية الدقيقة القادرة على نسف قواعد البنيان الجوري .
10– رحلة الشتاء والصيف: الاقتصاد المؤالف للبيئة:
إن التقريش الاجتماعي(القطري والعالمي) يؤدي إلى السلام أي إلى «الألفة» و«الإيلاف» السياسي. وذلك «بإيقاع مؤالفتها وموافقتها ومسالمتها في اكتساب الفضائل واتحادها في التوجه نحو الكمال في الرحلتين، وبعد شمس الروح عن سمت رؤوسهم والأوي إلى غور البدن وترتيب مصالح المعاش وإصلاح أحوال البدن والقيام بضرورياته وعمارته، ورحلة صيف قرب تلك الشمس من سمت رؤوسهم والرقي إلى أنجاد عالم القدس والتلقي لروح اليقين»[36].
فتأسيس دولة الثورة الإسلامية يقتضي إظهار «التقريش»(=التوحيد الاجتماعي والمعاشي) ب«الارتحال» اي بالبحث المعاشي_ البيئي المؤالف لتحولات المواسم النباتية والحيوانية(شتاء، صيف…). فقد أعطانا الله تعالى من كل ما سألنا ولكنه شرط ذلك بالشكر ومنه مراعاة حقوق مخلوقاته التي جعلها كلها مسخرة لنا[37].
11– الخلاصة التأليفية للكيان السوري:
1. إن إجابة ﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾ (الفيل،1) هي في ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـذَا الْبَيْتِ﴾ (قريش،3). وإن إجابة ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾ (الفيل، 3) هي في لام التعليل: فكل ذلك لتجديد الإيلاف لقريش عليه السلام، حتى يكون إب_راهيم ﴿[هذا الزمن] لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ﴾ (قريش،1) فتعليل الجزء الأوّل من هذا الكيان السّوري هو في الجزء الثاني الذي يبدأ بـ﴿لِ﴾.
2. كان مَركز الجزء الأوَّل هو الأنتً المُحمَّديّ، المُضْمَر في: ﴿ أَلَمْ تَرَ ؟!﴾. والرّؤية هي من أقوى معالم الطَّيْرية علاَوَةً على الطيران، وكان مركز الجزء الثاني هو بيْتُ هذا الأنتَ: البيتُ الهاشميُّ المقدَّس الذي سيتطوَّرُ أكثر- وُجوديًّا- في البيت المحمديّ المنحدر مِنه، ليكون الانتقال من الإطعام المَعاشيّ أساسًا قبل ظهور النبي (ص)، إلى الإطعام القرآني منذ ظهور الأنتَ المقدَّس. والمهيمن على كل هذا الصراع الفِيلي/الطَّيْري هو ربُّ البيت، الذي ربَّى صِدّيقي بني هاشم على الإطعام و«الإرسال»[38] (مع قُصيّ عليه السلام، ومع طَير شَيْبَة عليه السلام) لتثبيت الأمن مِن الخوف في زَمَن تَخَطّف الناس لبعضهم. فالرؤية في ﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾ لهؤلاء الصدّيقين وأتباعهم المؤمنين، وخاصة لعظيمهم محمد (ص) الذي قال: «أدبني ربي [رب هذا البيت الهاشمي] فأحسن تأديبي»، ﴿لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ (الأحزاب، 33). 3. تريد الفِيالة الداخلية والفِيالة الخارجية من النفس الإنسانية «الركون» و «الإخلادية»، بينما تريد الطّيرية «الإرسال» (الحرية والتحرّر والتحرير للذات والأرض وللإنسانية) من الجوع المعَاشي والروحاني ومن الخوف على الأمن والسيادة والسلام وبقاء الإنسان بما هو إنسان. 4. انتصار الطَّيرية الجذري الذي يجعل الكيد الفِيلي عصفًا مأكولاً لا يمكنه النموّ مرّة أخرى، لا يكون إلا بـ«تقريش» قلوب الناس: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ (آل عمران، 158). فكان محمد (ص) أعظم مُقَرِّش، أي أعظم جَامِع للإنسانية، وسيكون حفيده، محمد بن الحسن (عليهما السلام) وأتباعه المقرّبين الطَّيْريّين المُرْسلين للعَالَم بَعد أن يمتلئ أغلالاً استكبارية. 5. يؤكد هذا الكِيان السُّوري أن الاحتلال- إن وقع- يجعل المنهزمين أذلاء، ويتعوّدون «على النفاق» فلا يتمكّنون من حَمْل الرسالة الإلهية[39]. وإن وجود الرسالة المحمدية، «رغم الجوع والخوف، وانطلاقا من الجوع والخوف، كانت قوّة الرسالة التي تعتمد على الفقراء، وعلى المعذَّبين، وعلى طالِبي الخلاص. فجعلهم [رسول الله (ص)] يَخلقون حياةً وطعامًا وانتعاشًا. جعلهم يخلقون من خوفهم أمنًا، ومن ضعفهم قوّة»[40]. 6. إنه كِيانٌ سُورِي يتمثل سُورًا طويلة عديدة: الكهف ويوسف والأنفال والبقرة والتوبة والمائدة والأعراف وآل عمران والفجر والماعون….بإبداعية إلهية مدهشة. – إن السور القصيرة مِنة إلهية، تسهِّل لنا ما استصعب في السور الطويلة.
|
ملخص:
لا تكون الثورة الاجتماعية (=«الخروج») كذلك إلا إذا كانت ذات رؤية للفعل الثوري. أولا بفهم «الفيالة» في تاريخيتها وراهنيتها الكيدية من أجل «العصف» بها لتكون مأكولة لعصر «الإيلاف». ودولة الثورة لا تكون إلا بتأسيس دولة الإيلاف القطري فالإيلاف العالمي وهي دولة «التقريش» بين الطبقات والجنسين والجهات والأقطار ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا مَّآ أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ﴾ بعد العصف ب«البنيان الاستعلائي». |
الكيان السُّوَري:«الفيل والقُرَيش»
(من الثورة الإسلامية إلى دولة الإيلاف)
(الاصل01/02/2012-التحيين 11/02/2021)
[1] جاء ذلك في : ابن عربي، تفسير القرآن الكريم، دار الكتب العلمية، بيروت، 2001، ج2، ص 432.
[2] ابن منظور، مادة: ق.ر.ش.
[3] … هذا التمييز بين «مقرّش أصغر» و«مقرّش أكبر» (الإمام المهدي حفيد الرسول الأعظم) يبيّن أن خطّ آلِ محمد الخاص (من على حتى المهدي) امتداد لخط آل محمد العام الذي كان واعيا تمامًا بمستقبل الدين حتى لحظة ملء الأرض عدلا وقسطا تاميْن.
[4] البغوي، «تفسير سورة قريش (ع)» .
[5] علي (جواد)، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، دار الساقي، بيروت، 2001، ج13، ص285.
[6] اليعقوبي، التاريخ، طبعة ليدن، ج2، ص 12.
[7] راجع رواة ابن حجر في الإصابة وغيره…أتدرون لماذا «خير الأسماء ما حُمِّد وعُبّد»؟؟ لأنّ خير الأسماء: محمد بن عبد الله، وعبد الله بن محمد!!
[8] ابن منظور ، لسان العرب، مادة: ب ي ت.
[9] انظر تدبرنا في سورة الاحزاب.
[10] ابو طالب، الديوان، دار الهلال، 2009 ،ص94 .
[11] ابن منظور، لسان العرب، مادة: ف ي ل.
[12] راجع تدبرنا في سورة هود.
[13] ابن منظور، م. م، مادة: غ ب ر.
[14] م. س.
[15] راجع تدبرنا في سورة الاعراف وفي مقولة الحظ القوي والصحي وفي القرآن الكريم وسورة ص.
[16] انظر: المقريزي، النزاع والتخاصم بين أمية وبني هاشم،دار المعارف بمصر.
[17] راجع مقولة «السحر» في تدبرنا في سورة البقرة وفي سورة الأعراف وسورة الشعراء.
[18] راجع مقولة «المشيئة» في تدبرنا في سورة الأعراف.
[19] ابن عربي، م.م، المجلد الثاني، ص 339.
[20] ﴿أَرسِل مَعَنا بَني إِسرائيلَ﴾ = حرّرْ معنا بني عبد الله. وأهم عبد لله هو النبي محمد (ص) [راجع تدبرنا في سورة الأعراف] .
[21] . ابن عربي، م.م.
[22] البداية والنهاية، ابن كثير، ج 2،ص 215.
[23] الطائي (نجاح)، زعماء مكة، ص4.
[24] شريعتي (علي)، الدعاء، دار الامير، بيروت،2007، ص9، وص 38، وص43.
[25] نحن نعلم أن رسول الله (ص) نَظَرَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: “مَرْحَباً بِكِ مِنْ بَيْتٍ مَا أَعْظَمَكِ وَ مَا أَعْظَمَ حُرْمَتَكِ. وَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ مِنْكِ وَاحِدَةً، وَ حَرَّمَ مِنَ الْمُؤْمِنِ ثَلَاثاً : دَمَهُ وَ مَالَهُ وَ أَنْ يُظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ”. فلا مانع من فهم بُطوني أعمق، يذهب إلى العبد المؤمن (محمد) في عمق ذهابه إلى الكعبة، فلا يكمل الحج إلا بزيارة العبد محمد (ص)، وهو أعظم دون شك من الكعبة!
[26] ابن عربي، م. م، ص430.
[27] ابن عربي، م. م، ص 430 أيضا
[28] ابن عربي، م. م، ص 430
[29] م. س، ص 432.
[30] م. س، ص 430.
[31] راجع تدبرنا في سورة الفجر.
[32] التسخيري (محمد علي)، والنعماني (محمد سعيد)، المختصر المفيد في تفسير القرآن المجيد،المجمع العالمي للتقريب ، 2012، ص 601.
[33] م. س، ص431
[34] م. س.
[35] … بل مِن عدم الدقة أن نُسمية «عام الفيل»، بل هو «عام الطير الأبابيل»، الذي وُلد فيه الطّير الرّامي، صاحب حجارة السجيّل الرحيمية/الرحمانية، التي يرميها باسم الله وبإذنه ﴿وَمَا رَمَيْتَٰ [الحجارة] إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾.
[36] ابن عربي ، م. س، ص 432.
[37] انظر تدبرنا في سورة الاعراف وفي مقولة الحظ القوي والصحي.
[39] الصدر (موسى)، أحاديث السَّحَر، مركز الصدر للأبحاث والدراسات، بيروت، 1999، ص256 وص260.
[40] م. س ص 257.