انضم الجفاف إلى موجة الحرّ الشديدة والحرائق التي يتعرض لها العالم ، ودمر المحاصيل بينما لا يزال ملايين الأطنان من الحبوب غير قادرة على مغادرة أوكرانيا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ما يثير المخاوف بشأن التهديد الذى يواجه الإمدادات الغذائية في العالم وفي معرض تتبع الموضوع عالمياً قالت صحيفة “لا راثون” الإسبانية إن أكثر من 20 مليون طن من القمح محجوب في أوكرانيا، وتضع الإمدادات الغذائية في العالم تحت الضغط.
موجة الحر في أوروبا تزيد من سوء الصورة الحالية حيث أضرَّ الجفاف والحرارة المطولان بمحاصيل القمح في فرنسا، أكبر مصدر للحبوب في الاتحاد الأوروبي والرابعة عالمياً، إذ قالت وزارة الزراعة فيها إن إنتاج البلاد سينخفض بنسبة 7.2 % هذا العام مقارنة بالعام الماضي 2021.
من جهته، خفض الاتحاد الأوروبي، توقعاته الحالية لمحصول القمح بمقدار 5 ملايين طن.
إيطاليا ليست بعيدة عما يجري، فقد حذّر وزير الزراعة الإيطالي البرلمان من أن ثلث الإنتاج الزراعي الإيطالي عرضة للخطر بسبب الجفاف وفقر البنية التحتية المائية، وقد يتفاقم الوضع فى السنوات المقبلة حيث فقدت إيطاليا 19 % من مواردها المائية المتاحة من 1991-2020 مقارنة بفترة 1921-1950،
وطال الجفاف نهر بو وهو العصب الرئيس للري في أنحاء منطقة شمال ووسط إيطاليا التي تشتهر بزراعة الفاكهة والخضراوات والحبوب.
وحذر باحثون في المفوضية الأوروبية من أن نحو نصف أراضي الاتحاد الأوروبي حالياً مهددة بخطر الجفاف، في الوقت الذى يعاني فيه جنوب غرب أوروبا من الجفاف من جراء موجة الحر الشديدة.
وصدر تقرير عن الجفاف في أوروبا، بيّن أن 46 % من أراضي الاتحاد الأوروبى تعرضت لمستوى التحذير من الجفاف، بجانب 11% في مستوى التأهب لخطر الجفاف، في الوقت الذى تعاني فيه محاصيل بالفعل من نقص المياه.
يعدّ الجفاف أحد أكثر الكوارث الطبيعية تدميراً من حيث الخسائر في الأرواح، وتداعياته مثل فشل المحاصيل على نطاق واسع، وحرائق الغابات، والإجهاد المائي.
وتفاقمت حالات الجفاف بسبب تدهور الأراضي وتغير المناخ، وتزايدت وتيرتها وشدتها بنسبة 29 في المئة منذ عام 2000 مع تضرر 55 مليون شخص سنوياً. وبحسب منظمة الفاو (https://news.un.org/ar/story/2022/06/fao.org/ar)، انخفضت كمية المياه العذبة المتاحة في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بنسبة 60 في المئة في الأربعين سنة الماضية.
وأشارت المنظمة إلى أن الأراضي الجافة حالياً هي موطن لحوالي 40 في المئة من سكان العالم وذكرت أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الجافة أدنى بكثير من وضع الناس في المناطق الأخرى.
كل المؤشرات السياسية والعسكرية والمناخية تنذر بكارثة إنسانية هي الأسوأ في تاريخ البشرية الحديث، فمخزون وإمدادات وزراعة القمح في خطر ومستويات المياه في شحٍّ أكبر، وسورية ليست بعيدة عما يجري حيث تعرضت إلى موجة جفاف شديدة خلال السنوات السابقة- بالرغم من وفرة الأمطار في العام الحالي- يضاف إليها انخفاض منسوب تدفق المياه لنهر الفرات بشكل مخيف إضافة إلى شح الأمطار و انخفاض مستويات المياه الجوفية وعدم تفجر الينابيع نتيجة موسم الجفاف وقلة الأمطار .
أمام ذلك كله ما الحل ؟؟
إسعافياً يجب العمل على استكشاف الموارد المائية الجوفية غير المستثمرة، والعمل حالياً على تركيز المياه والسقاية باتجاه المزروعات الاستراتيجية والضرورية للأمن الغذائي ورفع مستويات التخزين الاستراتيجي من القمح والسلع الغذائية الأساسية كالرز والزيت والسكر وتركيز التمويل الحكومي بما ينسجم مع تحقيق تلك الأهداف كي لا نقع في المحظور، فالعالم يتجه بخطا ثابتة نحو مجاعة وكارثة إنسانية محققة.