واشنطن دي سي تقرع طبول حربها من جديد بحلل مختلفة ومنها الحلل الالكترونية، في استهدافات لما تسميه التحركات العدوانية الروسية الصينية، وتعلن استراتيجية جديدة لغايات السيطرة على الممرات الدولية البحرية الرئيسية وتحت عنوان: حرب المضائق والممرات البحرية، وتفعّل وحدة سيلز التي يتمركز بها وحدات حروب سيبرانية متطورة للغاية، كل ذلك بعد الاتهامات الامريكية المستمرة لموسكو وبكين، بالوقوف خلف الاختراق السيبرانية التي تحدث في داخل مفاصل مؤسسات الدولة الامريكية المختلفة، واستهدافات وكالات حكومية أمريكية وأهدافاً أخرى في العالم، حيث المتغيرات في خارطة الطاقة تزيد الضغوط على طرق ومسارات الملاحة البحرية الدولية باتجاه شرق أسيا، بحيث يعد مضيق ملقا أول نقطة اشتباك وتنافس استراتيجي بين الصين وأمريكا.
المعطيات والوقائع الجارية تتحدث بعمق، ومع بدء الحروب البيولوجية الناعمة الصامتة ورأس جبلها بفيروس(كورونا ويتمدد)والمخفي أعظم في مختبرات خاصة في استراليا وبلغاريا وفي وادي السيلكون في أمريكا بصورة مخفيه، على جلّ طول خطوط العلالاقات الصينية الامريكية ومع الروس والانجليز، وبالرغم من الأنسحاب الأحادي الأمريكي من الأتفاق النووي مع ايران، والذي جاء بقرار من البلدربيرغ الامريكي وبالتوافق مع الدولة العميقة في واشنطن في عهد الرئيس السابق ترامب، والتمسك الأيراني بالأتفاق فعزل أمريكا وما زالت العزلة تحيطها في عهد جوزيف بايدن، بالرغم من هيستريا النجاح الوهم لتسييله وصرفه في الداخل الامريكي، لغايات العلاقات مع السلفية الافنجيلية الامريكية – المسيحية المتصهينة، وهوس ادارة الرئيس السابق ترامب في دفعها بنجاح، مملكات القلق العربي على الخليج، لتوقيع اتفاقات مع الكيان الصهيوني وتطبيعها: فكانت الامارات ولحقتها البحرين والمغرب، والباقي قيد الاعداد والشغل، وبايدن يعتبر ذلك نجاحاً وسيبني عليه، بالرغم من أنّ انتصار المقاومة في غزّة على الكيان الصهيوني في حرب الأيام العشرة شطب كل أمل في ذلك، لذلك يرسل وزير خارجيته أنتوني بلينكين الى الكيان والضفة الغربية المحتلة، وتحت عنوان تثبيت وقف اطلاق النار، بعد جول المتأمرك والمتصهين هادي عمرو الامريكي من أصول فلسطينية نائب مساعد وزير الخارجية الامريكية لشؤون الشرق الأوسط حيث فشل في مهمته الاخيرة.
ثم التحلل الايراني عبر خمس خطوات من التزاماته النووية، والعودة الى التخصيب بنسبة 60% دون الخروج من الاتفاق حتّى اللحظة، وتعهد الأوروبيون بعد الخروج الامريكي الاحادي، بتعويض ايران لخسائرها الأقتصادية، ثم تفعيلهم لألية فض النزاع النووي في الاتفاق مع ايران بناء على طلب أمريكا، ثم تخليهم عن الاتفاق بطريقة وقحة سريالية، تظهر عمق نفاقهم وصهينتهم الذاتية المصلحية، اتجاه الشعوب الاخرى في المنطقة، حيث التداعيات والعقابيل المتوقعة كاحتمالات لكل هذه الفسيفيسائية الفوضوية، على مجمل العلاقات الدولية في المنطقة والعالم، وعلى طول خطوط العلاقات الروسية الأمريكية الغربية.
انّ حالات من الكباش السياسي والعسكري والأقتصادي والدبلوماسي والأمني الأستراتيجي تتعمّق بشكل عرضي ورأسي، وتضارب المصالح والصراعات على أوروبا والحدائق الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفها – دول أمريكا اللاتينية وعلى رأسها فنزويلا، ومثيلتها الحدائق الخلفية للفدرالية الروسية وحلفها وعلى قلب الشرق بلاد الشام، سورية المتآمر عليها، الاردن المراد توسعته ديمغرافيا وجغرافياً(سيبحث ذلك أنتوني بلينكين)، وربما عبر الحاق الضفة الغربية المحتلة به من جديد، تحت عناوين جاري العمل على تصنيعها، لشطب امكانية قيام أي دولة فلسطينية لاحقاً، مع هندرة لطبقة الكريما السياسية في الاردن، بعناوين انتخابية برلمانية لمزيد من الخلط والبلط، وجعله بديلاّ بنظام بديل ورأس جديد(هذا على رأس أجندة انتوني بلينكين غير المعلنة مع الاسرائيلي وجماعة رام الله المتأسرلة).
ولبنان المراد تفكيكه، واعادة تركيبه لتفكيك المقاومة ونزع سلاحها، فلسطين المحتلة وجعلها دولة يهودية نقية، كل ذلك من أجل ادامة الصراع في المنطقة وادارته فيها خدمة لمصالح اليانكيز الامريكي، عبر تمكينات هنا وهناك لنموذج دولة البانكرز، كدولة عميقة في مختلف الساحات والحارات، ومنها ساحتنا الاردنية – فقد صارت دولة البانكرز الاردنية هي المسيطرة على مفاصل الدولة، والدولة العميقة التقليدية تعمل لديها(أي لدى دولة البانكرز).
أعتقد وحسب المعطيات الدولية، أن تتدهور العلاقات بين روسيا والصين وايران من جانب، والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من جانب آخر، استناداً إلى تدفقات الأخبار والمعلومات التي تكشف كل يوم الدور المتعاظم والمتزايد الذي تقوم به موسكو والصين وايران، في مواجهة تحديات النفوذ والهيمنة الأمريكية – سوف يتعمق تدهور العلاقات لاحقاً في عهد الناطق الرسمي الجديد جو بايدن، لعميق الدولة الامريكية التي تعيش حالات من مخاضات غير مكتملة في مفاصلها.
ما يجري في المنطقة الآن هو إدارة للأزمات والبؤر الساخنة، ولعصابة داعش الإرهابية وتمحوراتها، واعادة انتاج للفكر الارهابي بمجمله، ليصار الى خلق حواضن ديمغرافيه لهذا الفكر الظلامي من جديد ضمن مسارات جغرافية مرسومة ومحددة، كل هذا وذاك، لحين نضوج الظروف المساعدة على تقسيم المنطقة وتقسيم المقسّم وتجزئة المجزّأ، هذا هو المشروع الأمريكي في المنطقة مشروع التقسيم.
واشنطن لا تريد إنهاء عصابة داعش الإرهابية، بل العمل على إعادة هيكلتها من جديد مع عمق بناء مفاصلها الإرهابية، ليصار لإعادة توجيهها نحو ساحات ودول أسيويه أخرى، وتتمدد نحو الصين وروسيّا، لا بل عبرها، هاهم يعودون سفلة خلق الله تعالى إلى العراق من جديد، عبر قولهم أنّ عصابة داعش استخدمت السلاح الكيميائي في شمال العراق، كل ذلك كمسمار جحا متميز لعودتهم إلى العراق من جديد، بل تعميق وجودهم حيث هم لم يغادروا أصلاً ليعودوا!.
لكن عبر دواعش الماما الأمريكية يعمّقون وجودهم ومفاصلهم في المنطقة، دون أن يخسروا جندي واحد، فعصابة داعش وجبهة النصرة وأحرار الشام ثلاثة أطفال لقطاء، غير معترف بهم من خصوم الدولة الوطنية السورية في المنطقة.
السياسة الأمريكية لا تفرغ مساميرها بالمطلق، تماماً كأفلام الأكشن الأمريكية حيث الأبطال فيها لا تفرغ أسلحتهم من الذخيرة، انّها الصفاقة الأمريكية في أبهى صورها وتمحورها، بعبارة أخرى هي الوقاحة الأمريكية لجلّ اليانكي، بثقافة الماكدونلد والبرغر وأفلام الأكشن، وهي تستخدم مساميرها كحجّة واهية للوصول إلى المبتغى والمرجو من وقاحاتها لتقسيم المنطقة وإسقاط أنظمة ورسم خرائط جديدة، والأندى من ذلك إظهار الإسرائيلي بأنّه يحمي الأقليات في المنطقة(هل يفسّر هذا سر العشق الجنبلاطي لإسرائيل الآن؟)، ففي آب من عام 2015 م كان أحد مسامير جحا الأمريكي بشعبتين، إعلام السوريين(عبر لقاء الجعفري باور في نيويورك)بإدخال ستة أفراد ممن درّبتهم السي أي ايه في تركيا من ما تسمى بالمعارضة السورية المعتدلة، مع تهديدها بحمايتهم جوّاً، وهذه حالة هوليودية بامتياز، ثم جاء القرار 2235(هو أكبر من شعبة بمسمار جحا الأمريكي، وأقل من مشهد الختام الهوليودي)في جدار التسوية السياسية في المنطقة عبر المسألة السورية إن حدثت أصلاً.
الدولة الوطنية السورية وعلى ما أؤمن به وأعتقده بقوّة، ترى وبعمق رأسي وعرضي، أنّ أي تعديل على الدستور السوري يجب أن يدفع بفكرة الدولة الجامعة الواحدة الضامنة إلى الأمام، لا أن يلبنن أو يعرقن الدولة، فدسترة وجود الأقليات في الداخل السوري هو تشريع يعني ببساطة ربط كل أقلية بدولة خارجية، كما هو في لبنان الآن(الحالة اللبنانية)، وعلى لبنان ترك قاعدة التفكير بقاعدة(الطائفة القاعدة)وهذه فكرة وإستراتيجية سورية بامتياز، يجب نسخها في الداخل اللبناني للوصول إلى دولة الشراكة الحقيقية الكاملة وعبر الحوار والحوار فقط، وسورية الجديدة لن تقبل(بالطائفة القاعدة).
المؤامرة على سورية بالأصل والأساس بدأت بريطانية فرنسية سريّة وعلى الأطراف السورية، ثم تمددت الى الداخل السوري، والأن وحديثاً
تتحدث المعلومات(تؤكد حقيقة قصة مسامير جحا التي كرّست استخدام الحجّة الواهية للوصول إلى المبتغى) وفي هذا الوقت بالذات وقت اللحظة السورية وانتخابات الرئاسة السورية، عن وجود أكثر من خمسمائة جندي انجليزي، ينتمون إلى فوج قوات النخبة البريطاني، وهم الآن في الداخل السوري يرتدون سرًا ملابس عناصر اللقيط داعش، ويرفعون راياته السوداء، وبعضهم ملتحي وبعضهم أمرد، يشاركون في مهاجمة أهداف سورية بحجة محاربة داعش، مشيرة إلى أنّه (ربما تعمل القوات الخاصة الأمريكية وعناصر وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA بالطريقة نفسها.)
وتضيف المعلومات”خلال الحرب على ليبيا نشرت بريطانيا المئات من عناصر القوات الخاصة المظلية، وكان هناك في ليبيا على أهبة الاستعداد 800 من قوات المارينز الملكية وأربعة آلاف من نظرائهم من الولايات المتحدة للتدخل في وقت قصير إذا أعطيت الأوامر”.
وتجيىء هذه المعلومات الأستخبارية والتي سربت إلى صحيفة الصنداي اكسبريس في حينه ووقتها، بعد أسبوعين من إعلان رئيس الوزراء البريطاني السابق كاميرون، الموافقة على انضمام الطائرات الحربية البريطانية للولايات المتحدة في قصف سورية، رغم رفض البرلمان في آب من عام 2013 هذا الأمر(تتذكرون ذلك).
وبحسب المعلومات المسرّبة، حول هذا التزامن بين ادخال قوّات انجليزية الى الداخل السوري وانتخابات الرئاسة السورية، فإنّ جزءًا من عمل تلك القوات البريّة المنتشرة في سورية، خاضع لآمرة القيادة الأمريكية في مهمة مسماة “SMASH” تهدف إلى سحق الوحدات والمجموعات القتالية الصغيرة، التي تنتقل في سيارات الشحن الصغيرة(البيك أب)، علمًا أنّ هذه القوات قادرة في سياق أهدافها، تسيير الطائرات الصغيرة بدون طيار لمسح التضاريس وتحديد أهداف للهجوم دون الحاجة لعمليات برية.
وأوضحت المعلومات الحديثة والتي تم مقاطعتها مع أكثر من مصدر، أنّ أكثر من 250 متخصصًا بريطانيًا وربما أمريكيًا، هم مشاركون في سورية في تقديم خدمات الدعم في مجال الاتصالات للمجموعات التي يفترض أن تقاتل تنظيم داعش، أمّا مقاتلتها للجيش السوري فهو أكيد وتحصيل حاصل.
أمّا في خارج سوريا، فما زالت تقوم قوات SAS البريطانية الموجودة في السعودية حسب المعلومات الأستخبارية، بمهمة تدريب الإرهابيين المناهضين لنظام الأسد، رغم الزيارة السريّة التي قام بها الفريق خالد الحميدان رئيس الاستخبارات السعودية الى دمشق خلال شهر مايو الحالي، ويقوم الضباط الأمريكيون بالغاية ذاتها، في كل من تركيا وقطر- وربما “إسرائيل“.
تدعي كل من الولايات المتحدة وبريطانيا في هذا الأمر، أنّها تدرب ما تسميه المتمردين المعتدلين لتعكس غطاء ضبابي على المشهد الحقيقي، حيث التعاون والعمل المباشر مع إرهابيي داعش المدربين والمسلحين والممولين من الخارج، عبر تسهيل تسريبهم عبر الحدود إلى سوريا لمحاربة الجيش العربي السوري، والآن أضيف الدعم الجوي الأمريكي والبريطاني والكندي جنبًا إلى جنب مع القوات الخاصة السرية على الأرض.
وهنا نشير إلى قول الجنرال المتقاعد في الجيش البريطاني والرئيس السابق لهيئة الأركان ديفيد ريتشارد: أنّ الدبابات سوف تتدفق كجزء من عمليات المملكة المتحدة في سورية، وأنّ الضربات الجوية الأمريكية إنّما هي تدافع عن مقاتلي داعش الإرهابيين، الذين يخدمون كقدم للجنود الأمريكيين ضد الجيش العربي السوري.
وللعودة إلى ما تم تسريبه أيضاً في فترة سابقة، ما يبدو أنّه ينذر بالشؤم كمشابه للتمهيد لليبيا 2(كاشفة زيف تخويل جوزيف بايدن للقوات الجويّة الأميركية بضرب القوات السورية إذا هاجمت قوّات المتمردين المعتدلين المدعومين أمريكيًا(غير الموجودين عمليًا).
كل هذه المحاولات الغربية تصطدم بالعائق الروسي والصيني الكابح بقوة لكل هذه التدخلات، وهو ما يمنع مصير على الطراز الليبي للأزمة السورية.
فعلى سبيل المثال، بينما تسرّب مصادر ووسائل اعلام اقليمية ودولية ذات صلة بأجهزة الاستخبار الدولية، أنّ بوتين قد يلين موقفه من الأسد، بمعنى أنّه قد يتخلى عنه، وهذا يقدم للأمريكيين فرصة لمحادثات جديّة مع الروس حسب اعتقاد من يقف خلف هذه التسريبات، وأعتقد أنّ وجهة النظر الروسية هي معروفة جيدًا، وقد كرّرها بوتين خلال كل محادثته مع كافة المسؤولين من الدول الأخرى، وصرّح ويصرّح لكل وسائل الاعلام العالمية بها وهي: بوتين يعارض أي تدخل خارجي من قبل أية دولة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ويدعم الحق السيادي للسوريين كما لغيرهم من الشعوب في الدول الأخرى في اختيار قادتهم والمشرعين لبلادهم”.
انّ قوّات القيادة الروسية الحالية في سورية، هي واحدة من القوّات الحقيقية والفعّالة في مواجهة بقايا الدولة الإسلامية(داعش)والمحافظة على الاستقرار في سورية، وتطهيرها من الارهاب المدخل والارهاب المنتج وضمان سير العملية الانتخابية السورية على وكما ما يرام، ويمكن القول ليس هناك ما يشير إلى أنّ الروسي يتجه نحو دعم أقل للرئيس الأسد ونسقه السياسي ونظامه.
البلدربيرغ الاممي ونواة الإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية، وأي نواة لأي إدارة قادمة ولو كانت جمهورية، يدركون جيداً أنّ سورية بنسقها السياسي الحالي ونظامها وديكتاتورية جغرافيتها، هي مفتاح السلم والحرب في العالم، ومن ينتصر في الحرب الدائرة في سورية وعلى سورية الآن، هو من يحق له إعادة رسم خرائط المنطقة وتوازنات القوى في كينونة النظام العالمي الجديد، لذلك نرى أنّ الفدرالية الروسية والصين معاً وبتشاركية إيرانية عميقة، يدركون أنّ انتصار واشنطن في سورية سيكون مقدمة لتنفيذ إستراتيجية الاستدارة نحو أسيا، للعبث بأمن روسيّا والصين ومحاصرتهما لأضعافهما حد الانهيار الكامل، من هنا روسيّا أيتها الدواعش السياسية والأستخبارايتة المخابراتية في بعض الدواخل العربية، لم ولن تتخلّى عن سورية بنسقها السياسي وبأسدها بإسناد صيني كبير، وإصرار إيران على إفشال المشروع الأمريكي، وحاجة روسيّا والصين لإيران لدورها في سياقات النظام العالمي الجديد، بسبب موقعها الجيواستراتيجي، كونها طريق الحرير الجديد بين الشرق الأوسط وأسيا، بجانب قوّتها العسكرية والاقتصادية والبشرية، وتقاطع أديولوجيتها الثورية مع المبادئ القانونية والأخلاقية، التي يؤمن بها هذين البلدين جعلهما يدعمان سورية بنسقها السياسي ونظامها وأسدها بلا حدود وبلا قيود.
وواضح أنّ روسيّا لن تسمح لواشنطن أن تعربد في العالم على هواها، ولن تسمح لماثلات حقبة بوريس يلتسين وفريق الليبراليين الجدد في الداخل الروسي ذوي البناطيل الورديّة القصيرة بالعودة من جديد وبلباس آخر ومختلف للتعمية السياسية على عودتهم، فهذا زمن ولّى ولن يعود بعد تعاظمات في الشعور القومي الروسي الذي أعاده بوتين وفريقه إلى وجدان الشعب الروسي المتعاظم.
أمريكا بعربدتها ومتاهاتها المقصودة كسياسة ونهج، تريد ضرب الخاصرة الروسية الرخوة في القوقاز، فإذا تحقق لها ما تريد في المسألة السورية والحدث السوري، فانّ العبور سيكون في غاية السهولة إلى الجنوب القوقازي، خاصةً في ظلّ أنّ إيران تعتبر الخاصرة الروسية الضعيفة بالمعنى الاستراتجي الجغرافي كمجال حيوي للأمن القومي الروسي.
فميزة الروس أنّهم يوزّعون جلّ بيضهم في أكثر من سلّة بأكثر من مكان وساحة في منطقة كمنطقتنا الشرق الأوسطية، رمالها متحركة تنزلق نحو المزيد تلو المزيد من الكوارث.
اللقيط داعش والذي هو نتاج تلك الليلة الحرام تحت السقف الحرام في الفعل الحرام لوكالة الاستخبارات الأمريكية ومجتمع المخابرات الإسرائيلي الصهيوني في فراش الوهابية ونتاجات فكر ابن تيمية، وصل هذا اللقيط إلى الباكستان والأفغانستان ولمجمل شبه القارة الهنديّة، وهنا قرون استشعارات مجتمعات المخابرات الروسيّة والصينيّة والهنديّة كانت ترصد كل شيء، بل وقبل وصول هذا اللقيط داعش إلى تلك المناطق والساحات، فاستدعى كل ذلك تدخلاً من هذه الأطراف لرصد النوايا الأمريكية من الحرب على دواعش الماما ذاتها ومدى جدية(ماما)أمريكا لمحاربة فيروساتها، لخلق متاهاتها ومنها المتاه الأمريكية المقصودة في شبه القارة الهنديّة.
لعبة الفوضى الخلاّقة الأمريكية الغربية الصهيونية فشلت حتّى اللحظة في تغيير موازين القوى على الأرض، من خلال سلاح الإرهاب الذي انقلب على رعاته وتمدد وصار يهدد الجميع بالجميع، لذا طالبت وتطالب روسيا والصين والهند، من كل ادارة جديدة في واشنطن دي سي ومن ادارة بايدن الحالية، من تحديد موقفه من محاربة الإرهاب بوضوح، وذلك في إشارة واضحة إلى مخطط البلدربيرغ الأمريكي للاستدارة نحو أسيا بهدف زعزعة الاستقرار في دولها، وتم رفع كرت أحمر رابح في وجهه وهو يتموضع في التالي: تقويض الدولار الأمريكي كعملة مرجعية دولية واستبداله بعمله جديدة في إطار منظمة دول البريكس، كمعادل دولي اقتصادي وعسكري ومدني بجانب منظمة شنغهاي، حيث من شأن ذلك أن يصيب الاقتصاد الأمريكي في مقتل، خاصةً وأنّ الصين هي البلد الكبير الذي يشتري سندات ديون واشنطن بمئات المليارات من الدولارات، وفي حال طرحها في السوق الأممي فسينهار اقتصاد أكبر دولة في العالم، ليجر معه قاطرة كل الدول المرتبطة به عضويّاً إلى الهاوية، وما أدراك ما الهاوية، نار اقتصادية حامية.
الغرب لا يفهم إلاّ لغة المصالح والاقتصاد، لذلك قرّرت الدولة العميقة، عبر جوزيف بايدن، بإيعاز من البلدربيرغ الأمريكي(جنين الحكومة الأممية)وعبر إدارته حكومة الأوتوقراطية الأمريكية، وذراعها العسكري المجمّع الصناعي الحربي، تعديل الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط من خلال الرهان على التقارب مع إيران من مدخل ملفها النووي والعودة الى الاتفاق النووي كما هو، كمقدمة لتحسين علاقات بلاده معها ومحاولة إحداث التغيير الهادئ من داخلها، تنفيذاً لتوصيات مجتمع المخابرات الأمريكي ومفاده: أنّ مفتاح التغيير في المنطقة يمر من البوّابة الإيرانية، وأنّه لا حل لاحتواء إيران سوى الانفتاح عليها والرهان على مخطط تثويري بعيد المدى لزرع ثقافات الماكدونالد بديلاً عن ثقافات الثورة، في وجدان وعقول الأجيال القادمة في إيران نفسها، واللعب بالطبقة الوسطى الإيرانية والتغلغل داخل مفاصل الدولة الإيرانية للتفجير الناعم لها من الداخل، فالتطبيع مع إيران هو أحد آليات تنفيذ هذا السيناريو(هذا ما كشفته كباحث ومهتم وشرحته على مدار سبع سنوات كتابة وتحليلا وبحثا وعلى مختلف الفضائيات الاقليمية والدولية ووسائل التواصل الاجتماعي ).
إذاً هذا الهدف الاستراتيجي يؤكد أنّ التوصل إلى عودة الاتفاق النووي مع إيران الى العمل، والتنازل لها عن حقوقها دون مقابل يذكر من قبلها(سوى تنازل إيران في الهوامش للغرب)هو حاجة أمريكية بالأساس، فتم الاستثمار في الجزرة النووية الإيرانية لاحتواء إيران والنفاذ إلى دواخلها، ومن ثم اعمال أدوات التخريب الناعمة حتّى تعطي ثمارها على المدى البعيد، وقد يكون هذا هو السبب الرئيس لمعارضة الحرس الثوري الإيراني والجناح المحافظ للاتفاق النووي منذ عام 2015 م مع السداسية الدولية في حينه، وهو يتحفظ الان على مفاوضات ومحادثات فينا، لغايات عودة واشنطن الى الاتفاق النووي الذي هندسة وليام بيرنز مدير وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، مقابل رفع كامل العقوبات الاحادية، التي فرضها الرئيس الزئبقي السابق دونالد ترامب.
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
Mohd_ahamd2003@yahoo.com