الأستاذ قيس سعيد، رئيس الجمهورية التونسية
إذا جاءك الذم والتشويه من فاسدين أدعياء سياسة وتجار دين، فاعلم أنك على حق
إني أرى فيك التونسي ابن التونسي، فكن رئيسا خادما لتونس للوطن
سيدي الرئيس، أنا لا شيخ لي إلا عقلي، ولا نص مقدّس عندي إلا القرآن، وكل الناس عندي راد ومردود عليه، إلا صاحب الرسالة المُحمّدية، ولا معقب عندي لكلمات الله، ولا أصطف وراء أحد ولا وراء أي حزب، وأرفض أن أكون تابعا، فطبعي يأبى علي إلا أن أكون قائد نفسي ورئيس جمهورية بيتي… سيدي الرئيس، لقد ساقتك الأقدار، وولاك الله هذا الأمر الجلل بصلاحيات دستورية محدودة، وبتزكية أكثر من ثلاثة أرباع الناخبين، وثقوا في تعهداتك، وكلهم أمل في أن تفي سيادتك بهذه التعهدات، وأن لا تتعلل يوما آخر عند التنازل عنها بـ”إكراهات السياسة” أو بالإنحناء والركوع للعواصف ولضغوطات لوبيات الأجندات الخارجية، فيكون ركوعا ليس بعده نهوض ولا رفعة ولا عزة ولا كرامة… فلقد أكدت مرارا بأن لا اعتراف بـ”دولة إسرائيل”، وأن التطبيع مع الكيان الصهيوني جريمة وخيانة عظمى للوطن… وتعهدت بعدم المساس بأحكام الإسلام القطعية التي وردت فيها نصوص صريحة في القرآن، ومن ثم ترفض أي تعديل لأحكام الميراث في إطار المساواة بين الذكر والأنثى حسب ما يدّعون… وتعهدت وأكدت مرارا بأنك لم ولن تنضو تحت راية أي حزب مهما كان لونه ومهما كان برنامجه، وأنك ستبقى مستقلا عن الأحزاب وتجاذباتها إلى أن تلقى الله… وبعد فشل النظام البرلماني المعدل في تحقيق الاستقرار السياسي وإحداث التنمية الشاملة، تعهدت بالدخول بتونس في مرحلة تأسيس لنظام جديد، يتم طرحه على الإستفتاء العام… هذه التعهدات وضعتك مباشرة في مرمى نيران الفاسدين والمطبعين وأصحاب المصالح الحزبية والولاءات الخارجية، وكل من يرى في السلطة تشريفا وغنيمة ومحاصصة وحصانة ومحاباة… اليوم، نعاين اصطفاف الفاسدين وحلفائهم، وبأيديهم معاول الهدم لتفجير الدولة من الداخل، وإلغاء الوطن، وجعل تونس بستانا يرتع فيه المستعمر الأجنبي، وهم يجندون ضدك قطعانهم لذمك وتشويهك، بعد أن يئسوا من إيجاد ملفات فساد أو عمالة تدينك، هؤلاء أدعيا سياسة وتجار دين، تعاملوا مع الدولة بمنطق الغنيمة، وانزلقوا إلى مستنقع الرخص والعمالة، ولا يعنيهم تقدم تونس ورفاه شعبها، بقدر ما يعنيهم انتفاخ بطونهم بالمال الحرام، وهم يؤدون فروض الطاعة والولاء للمستعمر الأجنبي… سيدي الرئيس، إذا جاءك الذم والتشويه والتآمر من هؤلاء، فاعلم أنك على حق، فانأى بتونس على حد السواء، عن مداخل الفساد والإرهاب، وعن الغلو والتطرف والكراهية والعداوة بين أفراد الشعب، وكن رئيسا خادما لتونس الوطن، ولكل التونسيين على اختلاف أفكارهم وألوانهم السياسية، وفي ذلك بلاء شديد، وإني أسأل الله لك الثبات على المبادئ والعزيمة في الأمر، ولله الأمر من قبل ومن بعد.