بقلم: صلاح المصري |
كانت بديهيات الوعي السياسي الثوري ان تمتلك المعرفة بطبيعة الأنظمة العربية الرجعية و خاصة الخليجية منها،فهي أنظمة تأسست تحت إدارة الاحتلال البريطاني و بعضها تم اقتطاعه فعلا من دول اخرى ( الجميع يعرف مثلا ان الكويت كانت معتمدية-قضاء-في ولاية البصرة العراقية)،و بعضها تسمى باسم عائلة مالكة تعاونت مع الانجليز فكانت جائزتهم على ذلك أن تتم الموافقة على حكمهم للجزيرة العربية كلها،
و كانت المشاريع الإستعمارية تسير بشكل مثالي طيلة عقود طويلة و صار العرب يؤرخون بالنكبة و النكسة و الزيارة التاريخية للسادات الى الكنيست،و اجتياح بيروت و مجزرة صبرا و شاتيلا و طرد المقاومة الفلسطينية من بيروت،و انتهى الامر بالمثقفين و الفنانين الى الانتحار،
لم تكن تلك الأنظمة الوظيفية بعيدة عن جميع تلك الهزائم،الجميع يذكر دور آل سعود في استنزاف الجيش المصري في حرب اليمن،من 1962 الى 1970 و خسارة قرابة 50000جندي في تلك الحرب الدامية،
و دور النظام السعودي في تشجيع السادات على القيام بمبادرة السلام و دور ذلك النظام نفسه في دعم الاكراد ضد النظام العراقي الأسبق و حجم التعاون الذي جمع ال سعود مع شاه ايران المخلوع الذي كانت له علاقات تعاون كبرى مع العدو الصهيوني،
و دور النظام السعودي في تسويق مبادرة السلام العربية عام 2002،وهي مبادرة استسلام و تنازل عن الحقوق الشرعية و التاريخية بينما كانت الظرفية مناسبة للتصعيد ضد العدو الصهيوني خاصة أن العرب لحظتها مروا بانتصار كبير ماي 2000 و انطلقت انتفاضة الأقصى المسلحة،
تحول النظام الرسمي الرجعي الى خشبة خلاص تنقذ العدو .
و نفس الموقف وجدناه في حرب تموز 2006،حيث وقفت تلك الأنظمة في مواجهة المقاومة و كان هناك حديث صهيوني( رئيس الوزراء ايهود أولمرت) عن بلدان عربية تطلب استمرار الحرب و تصفية المقاومة الوطنية اللبنانية-حزب الله-و الوضعية أسوأ بكثير مع المقاومة الوطنية الفلسطينية حيث يتم حصارها بواسطة نظام عربي رسمي( مصر مبارك ومرسي و السيسي) و تدعمه في ذلك السعودية و أنظمة الخليج،
فما هي الوظيفة الجديدة ؟
على هذه الأنظمة ان تسارع وتيرة التطبيع الكامل مع العدو الصهيوني و تقبل به شريكا كاملا في منظومة الأمن القومي العربي، و تستعد لعقد اتفاقات شراكة دفاعية و استخباراتية أمنية و اقتصادية بحيث يظهر بوضوح قرار عربي بشرعية وجود المحتل الصهيوني، و العمل على تسويق القدس عاصمة أبدية لهذا الكيان و الضغط على الشعب الفلسطيني حتى يتنازل على جميع حقوقه المشروعة.
هذه الأنظمة الوظيفية تدرك اليوم اكثر من اي وقت مضى ان هزيمة المشروع الامريكي في سوريا هو هزيمة لهم و انتصارا لخصمهم او عدوهم،فهم يعرفون جيدا ان فلسطين قادرة على تحريك الشعوب و ان بقاء الاوضاع على هذه الوتيرة تعني ان المنطقة تسير نحو مزيد من الانتصارات بخط المقاومة،لذلك سارعوا بالاصطفاف وراء السيد الامبريالي الأمريكي.
تفعيل الانتصار ام حجبه و حصاره؟
لان امريكا و ادواتها يملكون عملاق الإعلام فهم يستطيعون حجب الانتصار الكبير في سوريا و هم قادرون على تضييق مساحات تأثيره و فعاليته في وعي الأمة العربية والإسلامية،
ان هذه الخطوات التطبيعية الفجة تقوم بوظيفة محاصرة الانتصار الكبير الذي أقر به العالم كله و محاصرة التغيير الكبير الذي احدثته معارك الجيش العربي السوري و حلفاؤه طيلة عقد تقريبا و كيف بدأت المعركة مع جماعات مسلحة تعلن الثورة و الديمقراطية و انتهت مواجهة مباشرة مع العدو الصهيوني والجيش الأمريكي و الفرنسي و البريطاني .
ان مسؤولية النخبة الثورية و المقاومة هو العمل الجاد لتفعيل الانتصار السوري و المبادرة الميدانية لابراز عناصر القوة في الأمة العربية والإسلامية والتشبيك المستمر في خط تصعيد حالة المقاومة ضد العدو الصهيوني.