بقلم د.عادل رضا |
ما يقوم به الغرب ضمن مؤسساته الرسمية الحكومية إذا صح التعبير عندما يتم التصريح بأنهم يدعمون حرية التعبير ويرفضون أي شيء يعارضها ؟! نحن نتصور ان كلاما مثل هذا يمثل نفاق وتناقض وأيضا كذب؟
ان الغرب بالأمس القريب رفض وحاكم رأي أكاديمي بحت من مفكر فرنسي معروف اسمه روجيه غارودي بخصوص نقاشه العلمي حول “محرقة اليهود النازية” وهو نقاش من مختص أكاديمي معروف في كتاب علمي محكم بالدليل يتعلق بقضية تاريخية غير مقدسة ورفض اعتبارها “حرية تعبير” او حرية بحث علمي وهي كانت كذلك بل نفس الغرب اعتبر تلك القضية التاريخية مقدسة وهي ليست كذلك !؟
ولا اعرف لماذا لا يشاهدون ما يسمونه “حرية للتعبير” الا بشتم مقدسات المسلمين وإهانة رموزهم؟ ولا اعرف اين هي الفائدة العلمية او اين هو المنتوج الحضاري او اين هو الابداع بهكذا سقوط أخلاقي ووقاحة بلا حدود.
نحن نلمس ان هناك تعمد وإصرار على إهانة مقدسات المسلمين وهذا بأقل التوصيفات من الأمور المريبة ناهيك على انها من الأشياء المرفوضة.
ان كلمة “الحرية” مصطلح هلامي ليس له تعريف محدد بل ان الممارسة المفتوحة لمعنى الحرية تتناقض مع الحرية نفسها، فهل الحرية الفردية ممتدة لكل المجتمع ام انها محدودة إذا تناقضت مع المجتمع او افراد اخرين؟ وماذا عن إذا تناقضت حرية المجتمع مع حرية فرد او تناقضت رغبات اشخاص ضد بعضهم البعض؟
فمن يقول بأنها محدودة ضمن نطاق افراد او يقول العكس بأنها ممتدة بلا حدود اذن في كل هذه الحالات وغيرها من الاحتمالات فأن ذلك يخالف ويناقض كلمة الحرية؟ فلذلك نقول ان هذه الكلمة “الحرية” تناقض نفسها بنفسها حيث يلغي التطبيق معني الكلمة.
لذلك المعني الادق هي “الحرية الملتزمة” فلا يوجد شيء اسمه الحرية المفتوحة على مستوى التعريف واللفظ وأيضا على مستوى التطبيق.
ولعل الجميع يتفق على ان السب والشتم والإهانة سقوط أخلاقي وقلة ادب عامة بما يمثل على المستوى القانوني جريمة جنائية وبالتالي لا تمثل حالة إيجابية بل حالة سلبية ليست مقبولة بأي دين سماوي او منظومة أخلاقية بشرية فطرية طبيعية.
والإسلام كمنظومة فكرية متكاملة ينطلق قرأنيا بالحوار والاستماع الى الرأي الاخر والتعايش مع الديانات السماوية وأيضا ينطلق بالسؤال المفتوح ويدعوا الى العقلانية والمنطق وهذه آيات الذكر الحكيم والتاريخ النبوي يتوافق معها ضمن الحركة التطبيقية لها على ارض الواقع.
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (النحل16/125)
وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
(العنكبوت 29/46)
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ
(فصلت 41/33-34)
لذلك نقول ان الإسلام ليس عنده عقدة من السؤال او التعبير او التفكير ولكن العقدة ليست موجودة عند الإسلام بل هي موجودة عند بعض المؤسسات الغربية المتناقضة مع نفسها بالشعار والحركة.
* طبيب باطنية وغدد صماء وسكري-كاتب كويتي بالشئون العربية والاسلامية